ملحمة اليمامة واقتحام حصن الحديقة

بعد وفاة النبي، ارتد بعض العرب عن الإسلام، وكان على رأسهم بنو حنيفة بقيادة مسيلمة الكذاب، الذي ادعى النبوة وكذب على الناس زاعمًا أن الرسول أشركه في الرسالة، وادعى أن الوحي ينزل عليه، فاتبعه كثير من الجهال، حتى صار خطره شديدًا على المسلمين.
تاريخ ملحمة اليمانة
عندما اشتعلت نار الردة في الجزيرة العربية، كان الخليفة أبو بكر الصديق على قدر المسؤولية، فأعد أحد عشر جيشًا للقضاء على المرتدين، وأرسل عكرمة بن أبي جهل وشرحبيل بن حسنة لملاقاة بني حنيفة، لكن عكرمة استعجل المواجهة وهُزم في البداية.
تحرك خالد بن الوليد بجيشه نحو اليمامة، وانضم إليه شرحبيل بن حسنة، كما أرسل أبو بكر عشرة آلاف مقاتل بقيادة سليط بن قيس لدعم المسلمين، بينما كانت المرتدة سجاح تسعى للسيطرة على بني حنيفة بدوافع دنيوية.
نظم خالد جيشه بحنكة، فجعل شرحبيل في المقدمة، وزيد بن الخطاب في الميمنة، وأبا حذيفة في الميسرة، وأسند راية الأنصار لثابت بن قيس، وراية المهاجرين لسالم مولى أبي حذيفة، بينما تولى بنفسه قيادة القلب، ووضع سليط بن قيس في المؤخرة.
أما مسيلمة، فقد تحصن بجيشه في حصن الحديقة، لكن لكثرة أتباعه اضطر للخروج وعسكر في عقرباء خارج اليمامة، ونظم جيشه فجعل محكم بن الطفيل في الميمنة، ونهار الرجال في الميسرة، بينما بقي هو في المؤخرة.
اندلعت المعركة واشتد القتال، وانتصر المسلمون بعد مواجهات ضارية، فتراجع جيش مسيلمة إلى الحصن، الذي كان منيعا بأسواره العالية، وهنا برز البراء بن مالك، فحمله المسلمون على الرماح حتى بلغ باب الحصن، فتمكن من فتحه، واقتحم المسلمون الحديقة مكبرين، وهناك قتل وحشي مسيلمة، وسقط من أتباعه أربعة عشر ألفًا، فيما استشهد ألف ومئتا مسلم، بينهم زيد بن الخطاب، والطفيل بن عمرو، وأبو دجانة، وسالم مولى أبي حذيفة، وسبعون من حفاظ القرآن.
حفظ القرآن وكتابته في المصحف
أدرك عمر بن الخطاب خطورة استشهاد عدد كبير من حفظة القرآن، فأسرع إلى أبي بكر، وأقنعه بضرورة جمع القرآن في مصحف واحد، فكانت هذه الخطوة التاريخية التي حفظت كتاب الله للأمة إلى يومنا هذا.