فترة رخاء.. نظام الحكم في مصر في عهد الأسرة الثانية عشرة
يعتبر نظام الحكم الذي وضع في عهد الدولة الوسطى بالنسبة لتاريخ مصر عهد رخاء. إذ به وطدت وحدة البلاد وامتدت حدودها، وهو في الواقع يعد عصرًا ذهبيًّا. ويرجع الفضل في ذلك إلى قوة شكيمة مؤسسها العظيم، وأخلافه من بعده في تنفيذ المنهاج الذي وضع لهذا النظام بكل دقة وعناية. وإذا لم يصلنا من المعلومات عن النظم الإدارية إلا الشيء القليل نسبيًّا. فإن ما لدينا يمكننا من القول بأن ما بلغته مصر في ذلك العهد من التقدم لا يقل بكثير عما وصلت إليه حكومات عصرنا الحديث من النظام والعدالة الاجتماعية.
إذا كانت مصر في عهد الملوك الأول من الأسرة الثانية عشرة لا تزال تمثل في ظاهرها أحوال الحكومة الإقطاعية. فإن حقيقة الأمر تنبئ بأن العصر الذهبي للإقطاع قد أصبح خبر كان حقًّا. قد ظهر بلاط الأمراء بفخامة أكثر مما كان في عهد الانتقال الذي كان عصر فقر وبؤس. ولكن ذلك في الواقع برق خلب لا يمكن أن يعطينا صورة حقيقية عن قوتهم وعظم جاههم. إذ كان هؤلاء الأمراء في ذلك الوقت لا يستمدون مواردهم من قوتهم الشخصية. بل من النشاط الجديد الذي ينبعث من حكومة قوية الأركان ومن الرخاء الذي تفيض به البلاد.
كذلك كانت كل الأمور الخاصة بقانون الأحوال الشخصية مثل الوصايا تحرَّر أمام شهود. وبحضور الموظفين (الكتاب) الذين كانوا يشرفون على هذه الإدارة لا أمام إدارات المقاطعة
تقسيم مصر الإداري
قد كانت مصر في عهد الدولة الوسطى مقسمة قسمين رئيسيين، وهما الوجه القبلي والوجه البحري. كما يدل على ذلك قائمة المقاطعات التي كشف عنها حديثًا في معبد سنوسرت الأول. الذي وجدت أحجاره مستعملة في مباني البوابة الثالثة التي أقامها أمنحوتب الثالث في معبد الكرنك.
قد أعيد بناء معبد سنوسرت هذا ثانية في ناحية من معبد الكرنك. ويلاحظ أن كلًّا من هذين القسمين قد رسم فوقه سماء واحدة منفصلة عن الأخرى. ولذلك نجد في هذه الوثيقة أن مقاطعات الوجه القبلي قد غطيت بسماء تبتدئ بالمقاطعة الأولى وتنتهي عند المقاطعة الثانية والعشرين. وكذلك الحال مع مقاطعات الوجه البحري، نجده تحت سماء منفصلة أيضًا مما يدل على أن كلًّا من القطرين كان عالمًا منفردًا بنفسه قبل توحيد القطرين
تقسيم الوجه القبلي في نظام الحكم
ومن جهة أخرى نعرف أن الوجه القبلي قد انقسم قسمين رئيسيين داخليين. يبتدئ بالمقاطعة الأولى جنوبًا وهي مقاطعة “آبو” أي (إلفنتين). إلى أن تصل إلى المقاطعة العاشرة وهي التي تسمى مقاطعة “وازيت” وعاصمتها مكان بلدة “أبو تيج” الحالية. ثم نلاحظ أن المقاطعة الثانية والعشرين التي تسمى مقاطعة “السكين” في قوائم البطالمة قد ذكرت في قائمة “سنوسرت” باسم المقاطعة الفاصلة “حنت”. أي التي تفصل بين القطرين الرئيسيين الوجه القبلي والوجه البحري. والواقع أن تقسيم الوجه القبلي قسمين كان معروفًا في المتون المصرية قبل عهد “سنوسرت الأول”. وقد فهم بعض علماء الآثار هذا التقسيم ضمن المتون المصرية.
الإدارة الرئيسية لحكم مصر
وكانت إدارة البلاد تسير على نمط إدارة الدولة القديمة. فكانت تسير بعدد عظيم من المصالح (بيوت) والمخازن وبيوت للمالية يقوم بإدارتها جم غفير من الموظفين على رأسهم حاملو أختام الملك وأمناء الخزانة ومديرون أيضًا. وقد حافظ النظام الجديد على معظم الألقاب القديمة، غير أن ترتيب وظائف المصالح لا يزال معقدًا.