تاريخ ومزارات

تعرف على الصحابية أم سليم بنت ملحان .. أيقونة الحكمة والصبر في الإسلام

تعرف على الصحابية أم سليم بنت ملحان .. أيقونة الحكمة والصبر في الإسلام

في صفحات التاريخ الإسلامي، تظهر شخصيات بارزة تركت بصمة قوية من الحكمة والإخلاص والتضحية، ومن بين هؤلاء النساء الصحابية الجليلة أم سليم بنت ملحان، التي عرفت بسبقها إلى الإسلام وثباتها وإيمانها العميق برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. قصتها ليست فقط واحدة من الإيمان، بل من الشجاعة والحب الصادق للإسلام.

وقد كانت أم سليم من أوائل من أسلموا في يثرب (المدينة المنورة) من الأنصار. اُختلف في اسمها، ولقبها الذي اشتهرت به هو “الغميصاء”، ويقال أيضًا “الرميصاء”، فيما لقب أختها أم حرام “الرميصاء”. كانت أمها مليكة بنت مالك مؤمنة وسباقة إلى الإسلام، وقد أدركت أختها وأخوتها كذلك شرف المشاركة في الإسلام، حيث استشهد أخوها في معارك الإسلام المبكرة.

كما تزوجت أم سليم قبل إسلامها من مالك بن النضر، وأنجبت منه ابنها أنس بن مالك، الذي قدمته ليخدم النبي ويكون تلميذًا له في الإسلام. كانت تلك الخطوة برهانًا على قناعتها العميقة بالإسلام، ورفضها للجاهلية، حتى قُتل زوجها الأول مالك بعد أن هددها وغادر إلى الشام.

عندما خطبها الصحابي أبو طلحة الأنصاري، اشترطت عليه الإسلام كمهور لها، فتأثر بإيمانها وأسلم، ليصبحا معًا نموذجًا لأسرة مسلمة حقيقية. وقد رزقا بابن اسمه “أبو عمير”، الذي توفي صغيرًا، وأتى بعده عبد الله الذي عاش حتى استشهد في فتح بلاد فارس.

وقد كانت أم سليم مثالاً حيًّا للصبر والحكمة، تميزت بمواقفها الاستثنائية، مثل يوم وفاة ابنها أبو عمير. صبرت وصبرت زوجها أبو طلحة، ومنحت الدروس العميقة في الرضا بالقضاء. كما تميزت بحرصها على البركة، فقد احتفظت بعرق النبي صلى الله عليه وسلم وأخذته تبركًا لصغارها، وأكد النبي محمد رؤيته لها في الجنة مما زاد من مكانتها بين الصحابة.

كما شهدت أم سليم مع النبي صلى الله عليه وسلم معارك أحد وحنين، حيث ساهمت في مداواة الجرحى وتحفيز المقاتلين، حتى أنها اتخذت خنجرًا في غزوة حنين لتدافع عن نفسها إن دنا منها مشرك. كانت شجاعتها وإيمانها يلهمان الصحابة، ولها مكانة خاصة عند النبي، فقد كان يدخل بيتها للزيارة والتعاطف.

ولقد روت أم سليم عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواها عنها ابنها أنس بن مالك وابن عباس وزيد بن ثابت وغيرهم، ما يجعلها شخصية مؤثرة في نقل السنة النبوية.

وقد توفيت أم سليم في خلافة عثمان بن عفان، حوالي سنة 30 هـ. وتبقى قصتها ترمز إلى الصبر والتضحية والإيمان العميق، ويظل ذكرها خالداً ضمن قائمة الصحابيات الجليلات اللاتي شكلن صفحة مشرقة في التاريخ الإسلامي، لتبقى حياتها مثالًا ونموذجًا حيًّا للأجيال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى