رمضان زمان.. أحداث عام 1235 هـ سجلها الجبرتي في عجائب الآثار

أميرة جادو
اعتاد المؤرخ الشهير عبد الرحمن الجبرتي على توثيق الحوادث التي شهدها كل عام، متبعًا في ذلك النهج التقليدي للتأريخ، على غرار كبار المؤرخين مثل المقريزي، وفي هذا السياق، نستعرض ما دونه عن شهر رمضان عام 1235 هـ، الموافق لعام 1820 م، وما حمله من وقائع بارزة.
رحلات إلى السودان وتكليف علماء بمرافقة الحملة
يذكر الجبرتي في كتابه عجائب الآثار أن شهر رمضان من ذلك العام بدأ يوم الاثنين، وسط أجواء من الاستنفار والاستعدادات، حيث استمرت حملات إرسال الجنود والمغاربة إلى السودان. وكان من بين المكلفين بمرافقة هذه الحملات ثلاثة من طلبة العلم، وهم: محمد أفندي الأسيوطي، قاضي أسيوط، والسيد أحمد البقلي، من فقهاء الشافعية، والشيخ أحمد السلاوي، الفقيه المالكي المغربي. وقد حصل محمد أفندي على عشرين كيسًا من المال وكسوة، بينما تقاضى كل من زميليه خمسة عشر كيسًا وكسوة، مع ترتيب هذا الأمر لهم سنويًا.
حريق في سراي القلعة.. وندرة المياه تعرقل الإطفاء
وفي السابع من رمضان، اندلع حريق ضخم في سراي القلعة، ما دفع الأغا، والوالي، وكبار المسؤولين إلى التدخل على وجه السرعة، واستدعاء السقائين من كل جهة للمساعدة في إخماد النيران، لكن الحريق تفاقم نتيجة شدة الحر، وتزامن شهر رمضان مع شهر بؤونة القبطي، المعروف بارتفاع درجات الحرارة.
استمر الحريق ليومين، والتهم أجزاءً من ديوان كتخدا بك ومجلس شريف بك، متسببًا في تلف العديد من الممتلكات والسجلات، سواء بفعل النيران أو النهب، ويشير الجبرتي إلى أن القلعة، التي بنيت في عهد الملوك المصريين بالحجارة والصخور، خضعت لاحقًا لتعديلات جوهرية، حيث استبدلت أبنيتها المتينة بإنشاءات تعتمد على الأخشاب والزخارف الرقيقة، وفق طراز إسلامبول والأوروبيين.
محمد علي يتحسر على التغيير المعماري
عندما بلغ الخبر محمد علي باشا، الذي كان يقيم في شبرا آنذاك، أبدى أسفه الشديد على استبدال البناء الأصلي للقلعة، ولام المهندسين الذين أشرفوا على تعديلات التصميم أثناء غيابه في الحجاز، معتبرًا أن التغييرات جعلت المباني أكثر عرضة للحرائق، بعدما كانت مشيدة بأسلوب يضمن صلابتها ومتانتها.