تاريخ ومزارات

 قصر الجوسق: أسرار الفن والعمارة العباسية في العراق

في خطوة تاريخية مثيرة، أُزيحَت الأنقاض عن قصر الجوسق في العراق، ليكشف لنا عن تصميماته الفريدة وملحقاته الرائعة. وقد تبيّن أن لهذا القصر مدخلاً واحداً كبيراً يُعرف بباب العامّة.

تاريخ  قصر الجوسق

تتجلى روعة القصر في واجهته التي تطل على نهر دجلة، حيث يضم ثلاث قاعات كبيرة مغطاة بقبوات نصف أسطوانية. يتوسط القصر صحن مربع يحتوي على فُسقية محاطة بثلاث غرف من كل جانب، بالإضافة إلى قاعة الخليفة وقاعة الحريم. أما قاعة العرش فتتميز ببهو مربع تحيط به قاعات على شكل حرف T، مزينة بزخارف جصية رائعة تجسد الطراز العباسي.

في قسم الحريم، عُثِرَ على قاعات صغيرة للنظافة والغسل، مع أنابيب مياه من الرصاص أو الصلصال. وبمواجهة قاعة العرش، توجد غرف مربعة مزينة بنقوش آدمية. كما كُشِفَ عن سرداب صغير في مدخله قاعة مربعة جدرانها مزينة بإفريز من النقوش الجصية تمثل إبلاً ذات سنامين، مما يعكس التأثير الفارسي الساساني بوضوح.

وأظهرت أنقاض القصر وأطلال قصور الخلفاء العباسيين الأخرى ودورهم الخاصة أن جدرانها، خصوصاً الأجزاء السفلية، كانت مغطاة بطبقة من الجص ذات الزخارف البارزة أو المحفورة. وقد قسّم العلماء هذه الزخارف إلى طرز، أقدمها يحتوي على رسوم دقيقة لأوراق العنب وعناقيدها، ثم تبتعد تدريجياً عن الأشكال النباتية والطبيعية لتتحول إلى زخارف خطية هندسية.

لم تكن الزخارف الجصية هي الاكتشاف الوحيد، فقد عثر المنقبون أيضاً على بقايا صور حائطية بالألوان المائية، تغلب عليها الطابع الساساني في التصوير. هذه الرسوم تمثل ما كان عليه التصوير الحائطي في إيران القديمة، وتشمل صوراً للنساء يرقصن وحيوانات وأشخاص وطيور في مناظر طبيعية، بالإضافة إلى أسماك تسبح في الماء وفرسان ورهبان.

باكتشاف قصر الجوسق، يتجلى لنا مدى تأثير الفن الفارسي الساساني على العمارة والزخارف العباسية، مما يعزز فهمنا لعلاقة الحضارات وتبادلها الثقافي والفني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى