تاريخ ومزارات

البتاني: عبقري الفلك الذي غير مفاهيم علم الفلك والجغرافيا في العصور الوسطى

هو ابن عبد الله محمد بن سنان بن جابر الحراني، الملقب بالبتاني، الذي وُلد في مدينة حران وتوفي في العراق. يعتبر البتاني من أعظم علماء الفلك في التاريخ، حيث قدم مساهمات هائلة في هذا المجال، وابتكر نظريات أساسية لا تزال معترفًا بها حتى اليوم. لم يقتصر إبداعه على الفلك فقط، بل شمل أيضًا مجالات الجبر وحساب المثلثات.

برع البتاني في رصد الكواكب والأجرام السماوية، ورغم غياب الأجهزة الحديثة التي نمتلكها الآن، استطاع جمع أرصاد دقيقة تبهر العلماء حتى وقتنا الحاضر. ترك لنا البتاني العديد من المؤلفات القيمة في مجالات الفلك والجغرافيا، وأشهر أعماله هي الجداول الفلكية التي قدمت معلومات دقيقة وتعتبر من بين أفضل الحسابات الفلكية التي وصلت إلينا من العصور الوسطى. في عام 1899، تم نشر كتابه الشهير “الزيج الصابي” في روما بعد تحقيقه من قبل كارلو نللينو عن النسخة المحفوظة في مكتبة الاسكوريال بإسبانيا. يشمل الكتاب أكثر من ستين موضوعًا، أبرزها: تقسيم الدائرة الفلكية وطرق حساب الأجزاء وحساب أوقات تحاويل السنين، بالإضافة إلى رصد حركات الكواكب وتسجيل المواقع السماوية.

في مجال الرياضيات والفلك، كان البتاني سباقًا لاكتشاف قانون تناسب الجيوب، وابتكار معادلات المثلثات الكروية. كما قدّم مفهوم “جيب التمام” واستخدم المماس لحساب الأرباع الشمسية، وأطلق عليها اسم “الظل الممدود” أو “خط التماس”. وتمكن من إيجاد حلول رياضية لعديد من المشكلات الفلكية التي كان اليونانيون قد حلّوها من قبل بطريقة هندسية، مثل تحديد الزوايا بطرق جبرية.

أحد أبرز إنجازاته الفلكية هو تصحيح قيم الاعتدالين الصيفي والشتوي، حيث تمكن من تحديد قيمة ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار (أي زاوية ميل محور دوران الأرض حول نفسها على مستوى مدارها حول الشمس)، وأثبت أن هذه القيمة تساوي 23 درجة و35 دقيقة، بينما القيمة المعترف بها اليوم هي 23 درجة. كما استطاع قياس طول السنة الشمسية بدقة، حيث أخطأ في مقياسها بمقدار دقيقتين و22 ثانية فقط. بالإضافة إلى ذلك، رصد العديد من حالات كسوف الشمس وخسوف القمر، ما أضاف إلى رصيده العلمي وقدم للبشرية الكثير من المعرفة الفلكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى