معمر بن عباد السلمي: العقل الجدلي والأفكار الثورية
كان معمر بن عباد السلمي من أبرز الشخصيات الفكرية في مذهب القدرية، حيث تميز بتقديمه لأفكار جريئة أثارت جدلاً واسعاً. تمحورت أفكاره حول نفي الصفات الإلهية ونفي القدر، مما جعله عرضة للتكفير والضلال من قبل معاصريه.
فلسفته حول خلق الأجسام والأعراض
تفرّد معمر بن عباد بآراء فريدة منها أن الله لم يخلق سوى الأجسام، بينما الأعراض هي من اختراعات الأجسام ذاتها، إما بالطبع كالنار التي تُحدث الإحراق، والشمس التي تُحدث الحرارة، والقمر الذي يُحدث التلوين، وإما بالاختيار كالحيوان الذي يُحدث الحركة والسكون.
التناقض في حدوث الأجسام والأعراض
من أبرز التناقضات في أفكار معمر، اعتباره حدوث الجسم وفناءه عرضين، مما يناقض قوله بأن الله لم يخلق الأعراض. وطرح إشكالية حول كلام الله، سواء كان عرضاً أو جسماً، مما أدى إلى تعقيد في تعريف الألوهية والشريعة.
مفهوم الأعراض والإنسان
رأى معمر أن الأعراض لا تتناهى في كل نوع، وأن كل عرض قام بمحل يقوم به لمعنى أوجب القيام. وميز بين فعل النفس التي أسماها إنساناً وبين الجسد، حيث اعتبر أن فعل النفس هو الإرادة، وفعل الإنسان هو الإرادة، بينما الحركات والسكنات من فعل الجسد.
إنكار قدم الله وتعريف الألوهية
أنكر معمر القول بأن الله قديم، لأن ذلك يشير إلى التقادم الزماني، واعتبر أن وجود الله ليس زمانياً. كما اعتبر الخلق غير المخلوق، والإحداث غير المحدث. وذهب إلى القول بأن الله محال أن يعرف نفسه أو يعلم غيره، مما أثار الكثير من الانتقادات.
العقل الجدلي والأساطير الفكرية
تظل أفكار معمر بن عباد السلمي مثالاً للجرأة الفكرية والتحدي الفلسفي، حيث مزج بين الفلسفة والدين بطرق مثيرة للجدل. ورغم التناقضات والانتقادات، يبقى معمر شخصية فريدة أثرت في تاريخ الفكر الإسلامي، مما يجعل من دراسة أفكاره وتحليلها تحدياً مثيراً للعقل والتفكير.