تاريخ ومزارات

إنطاكية: الجوهرة التاريخية التي عبرت الحدود

في قلب الشرق الأوسط، تقبع مدينة إنطاكية، التي تعد من أعرق المدن السورية القديمة والتي انتقلت إلى أحضان تركيا منذ عام 1939. تستلقي هذه المدينة العريقة على ضفاف نهر العاصي، وتفصلها مسافة تقدر بحوالي 40 كيلومترًا عن سواحل البحر الأبيض المتوسط، و20 كيلومترًا عن الحدود السورية. تتميز إنطاكية بشبكة طرقها الرئيسية التي تربطها بميناء الإسكندرون ومدينة حلب، وتعج اليوم بحياة حوالي مئتي ألف من السكان.

تاربخ إنطاكية 

تأسست إنطاكية على يد سلوقس الأول، أحد أبرز جنرالات الإسكندر الأكبر، في العام 301 قبل الميلاد. وسرعان ما تحولت إلى نقطة تجارية حيوية تربط البحر بالأراضي السورية والعراقية والفارسية عبر قوافلها البرية. في العام 63 قبل الميلاد، استولى الرومان على المدينة، معطينها اسم “انطيوخ” وجعلوها مركزًا لإدارة ولايتهم السورية. قبل ذلك، كان الفرس قد احتلوها في العام 260 قبل الميلاد، وعادوا لاحتلالها مرة أخرى لفترة وجيزة في العام 526 ميلاديًا. وفي الفترة ما بين هذين التاريخين، خضعت إنطاكية للحكم البيزنطي في القرن الرابع الميلادي، وفي العام 637 ميلاديًا، سقطت تحت سيطرة العرب. وقبل ذلك بـ110 سنوات، ضربتها زلزال مدمر أودى بحياة 250 ألف من سكانها.

في العام 969 ميلاديًا، استعاد البيزنطيون السيطرة على إنطاكية، محولينها إلى قاعدة عسكرية ومدنية مهمة. ولكن في العام 1084 ميلاديًا، استولى عليها السلاجقة الأتراك، ولم يمضِ وقت طويل حتى اجتاحها الصليبيون في العام 1098 ميلاديًا بعد حصار استمر ثمانية أشهر. في العام 1268 ميلاديًا، احتل المماليك المدينة، مدمرينها وقتلوا سكانها، وحولوها إلى قرية صغيرة. وفي العام 1516 ميلاديًا، ضُمّت إنطاكية إلى الإمبراطورية العثمانية، حيث بقيت حتى العام 1920 ميلاديًا، عندما أعادتها عصبة الأمم إلى سوريا. وفي العام 1939 ميلاديًا، تخلت فرنسا عن إنطاكية والمناطق المحيطة بها لصالح تركيا.

اشتهرت إنطاكية، خاصة في القرنين الرابع والخامس، بأهميتها السياسية والثقافية والدينية. وفي العام 325 ميلاديًا، اعترف بها مجمع نيقية كبطريركية تدير شؤون المسيحيين في المشرق، إلى جانب الإسكندرية وروما. ورغم انتمائها الثقافي إلى العالم اليوناني، إلا أن الكثير من سكانها كانوا يتحدثون الآرامية. وبهذا الدور، جمعت إنطاكية بين التراث المسيحي اليوناني والتراث الآرامي السرياني، مما كان له تأثير كبير خلال الفترة من القرن الرابع إلى السابع الميلادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى