حوارات و تقارير

طقوس خاصة.. شم النسيم على الطريقة البورسعيدية

أسماء صبحي 

تشتهر مدينة بورسعيد بالاحتفال بأعياد شم النسيم، والبورسعيدية لهم طقوس خاصة للاحتفال بهذة المناسبة. التى تعتبر محاكمة شعبية لكل ظالم أو جبار من خلال دمية (اللمبي) التي تطوف شوارع المدينة إلى أن يتم حرقها. وبعد ذلك تبدأ الاحتفالات على أنغام السمسمية والفرق الشعبية وحتى شروق السمش موعد الانطلاق إلى شاطىء البحر والحدائق.

شم النسيم على الطريقة البورسعيدية

وصلت هذه الطقوس إلى بورسعيد مع بدء حفر قناة السويس في 25 ابريل 1859م. حيث كانت مجموعات من اليونانيين يشاركون المصريين حفر قناة السويس، وكان المصريون يشاركون اليونانيين الاحتفالات بشم النسيم. كما كانوا يشاركونهم عادة يونانية يحرقون فيها دمية مصنوعة من القش تسمى “جوادس” ترمز عندهم لإله الشر والعنف.

وعندما ألقى اللورد اللنبي القبض على سعد زغلول عقب اندلاع ثورة 1919 وقرر نفيه وآخرين للخارج عن طريق ميناء بورسعيد. خرج أهل المدينة لوداعه فمنعهم بوليس المحافظة بأوامر من اللنبي. ولكن أصر الثوار البورسعيديون على العبور من الحصار بقيادة الشيخ يوسف أبو العيلة أمام الجامع التوفيقي والقمص ديمترى يوسف راعي كنيسة العذراء. واشتبكوا مع الإنجليز وبوليس القناة وسقط يومها 7 شهداء ومئات من المصابين.

أعقب تلك الأحداث موسم الخماسين، فربط أهل المدينة أحداث العنف بالعادة اليونانية. فصنعوا دمية كبيرة من القش حاولوا أن تكون قريبة الشبه من اللنبي وحاولوا حرقها واعترضهم الإنجليز. فعادوا فجر اليوم التالي وحرقوها بشارع محمد علي الذي يفصل بين الحي العربي والأفرنجي (العرب والشرق حاليا). وبعد ذلك قررت بريطانيا مغادرة اللنبي إلى بلاده في 25 يونيو 1925 من ميناء بورسعيد أيضا.

عادة سنوية

كان البورسعيدية فى انتظاره حتى يودعونه، وبالفعل كان وداعًا من نوع خاص. حيث جهز له البورسعيدية دمية كبيرة جداً مكتوب عليها اسمه وترتدي زيه العسكري ورتبته العسكرية، وتم حرقها. وتعالت ألسنة النار لدرجة تأكيد من رافقوا اللنبي لدى وداعه بالميناء على أنه شاهدها هو وزوجته قبل مغادرته الميناء.

وأصبحت عادة سنوية ببورسعيد، حيث تجتهد مجموعات من الشباب وتتسابق في الحصول على قطع الأخشاب القديمة والأقفاص الخشبية حتى تعظم من نيران حرق اللنبي. ويتجمع الأهالي فجر يوم الأحد لمشاهدة حرق اللنبي بعد الطواف به في بعض الحواري والشوارع الجانبية. وتتبارى كل مجموعة في صنع أكبر دمية وزفها في عربات كارو، وتنطلق مجموعات السمسمية والبمبوطية للرقص على الأنغام الشعبية ومواويل البطولات البورسعيدية والمقاومة الشريفة التي ضحت بحياتها فداءً لوطنها.

وتطورت العادة من حرق اللنبي إلى حرق كل طاغية يتزامن فعله الظالم بالعرب أو المسلمين في العالم مع قرب موعد شم النسيم. ويتم تجسيد شخصيته فى دميه كبيرة، ورغم مرور السنين لم ينس الفولكلور البورسعيدى قسوة “اللنبي”. فعلى أنغام السمسمية مازال البورسعيدية يغنون:  “يا اللنبي يا بن حلنبوحة. ومراتك وحشة ومفضوحة. يا اللنبي ياوش النملة. مين قالك تعمل دي العملة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى