تاريخ ومزارات

ماريو روسى.. عشق العمارة الإسلامية وأصبح أشهر مصممي المساجد في مصر

أسماء صبحي 

ولد “ماريو روسى” فى العاصمة الإيطالية روما في عام 1897م، وتخرج في مدرسة الفنون الجميلة بها. وجاء إلى مصر في عام 1921م، عندما استقدمه المعماري الإيطالي “أرنست فيروجى” والذي كان يعمل لدى الملك “فؤاد الأول” مشرفاً على القصور الملكية. فقدم ماريو روسي إلى مصر في بداية مرحلة شبابه أوائل العشرينيات من القرن العشرين. فعمل في مصر كنقاش فني دهانات وزخرفة، ثم ترقى فأصبح مقاول وزارة الأشغال المصرية. ثم مهندس وزارة الأوقاف من العام 1930م إلى العام 1950م، ليشرف على القصور الملكية.

امتزج ماريو روسي في الحياة المصرية سريعاً، ونهل من معينها وشرب من نيلها. فشب عاشقاً لثري المحروسه منبهراً بالعمارة الإسلامية، فقرر الإقامة بجوار مسجد “الرفاعى”. واعتنق الإسلام وظل في مصر لا يبارحها حتى توفاه الله في عام 1961م .

أعمال ماريو روسى

تجلت عبقرية ماريو في الاستفادة من مواد البناء وطرق التشييد، فكانت أول أعماله توسعة مسجد “الرفاعي” بروح العمارة المملوكية. ليكون مدفناً لأسرة “محمد علي” ومسجداً فى ذات الوقت. فنجح فى محاكاة ضخامة مدرسة “السلطان حسن” المواجهة له. متوحداً مع نسيج العمارة المملوكية والفاطمية المحيطة بالمكان.

قام بتصميم مسجد “المرسي أبي العباس” في الإسكندرية، وقد استغرق إنجاز هذا العمل الفني الرفيع حوالي ست عشرة سنة. انتهت بافتتاحه للصلاة في سنة 1945 على نحو يعد مفاجأة في تاريخ العمارة الإسلامية. حيث مزج في تصميمه بين عمارة مدرسة “السلطان حسن” في القاهرة، وسقف مسجد “قبة الصخرة” في القدس. واستورد روسى أعمدة مسجد “المرسي أبو العباس” من إيطاليا ليكون بذلك أول مسحد تستورد قطعه من الخارج

العمارة الإسلامية الحديثة

وضع ماريو روسي بتأسيسه لمسجد أبي العباس اللبنات الأولى للعمارة الإسلامية الحديثة في مصر. حيث تم الاستغناء عن الفناء أو الصحن الأوسط نظراً لضيق المساحات التي يمكن أن تخصص لبناء المساجد في المدن الكبيرة المكتظة بالسكان. وحتى اليوم لا يزال المعماريون ينهلون من تقاليد جامع أبي العباس وهم يشيدون المساجد الحديثة الضخمة.

وما إن انتهى روسي من تشييد هذا المسجد حتى شرع في تشييد مسجد محطة الرمل المعروف بمسجد إبراهيم. ويعتبر من الأعمال النادرة التي زاوجت بين تقاليد العمارة المملوكية وبعض العناصر الشهيرة في العمارة الأندلسية. كما صمم مسجد محمد كريم في قصر رأس التين بالإسكندرية. ومسجد أحمد يحي باشا بزيزنيا بالإسكندرية.

اما فى القاهرة، فقد صمم روسي مسجدين هما: مسجد عمر مكرم بميدان التحرير، ومسجد الزمالك على شاطئ النيل. وقد جعله من المساجد المعلقة التي يصعد إليها بدرجات سلم، وله واجهة فسيحة ذات عقود وأعمدة، ويعتبر من الداخل أجمل بيوت الصلاة بالقاهرة.

وفاة ماريو روسى

توفى ماريو روسى في عام 1961م بالحجاز، بعد أن خلف تراثاً معمارياً وعلمياً لا يضارع. كما ترك جيلاً من الذين تتلمذوا على يديه وحملوا من بعده لواء العمارة المساجدية في مصر. من أمثال المهندسين النابهين علي ثابت وعلي خيرت، اللذان سطرا صفحات زاهرة من تاريخ هذا الفن الجميل في مصر المعاصرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى