أنسابتاريخ ومزارات

معركة الحرية: تفاصيل ثورة القاهرة الثانية في القرن التاسع عشر

 

تعد ثورة القاهرة الثانية  انتفاضة شعبية شهدتها مصر ضد الحكم الفرنسي في 20 مارس 1800، وقد بدأت في حي بولاق واستمرت لمدة شهر تقريبًا. في 21 أبريل 1800. تمكن الجنرال كليبر من قمع الثورة واستسلام الثائرين بعد أن قام بقصف وحرق أحياء القاهرة باستخدام مدافعه.

 

أثناء استمرار الصراع بين العثمانيين والفرنسيين، تسلل فريق من جيش الصدر الأعظم وعدد من عناصر المماليك داخل القاهرة، مما أثار غضب أهلها وأدى إلى اندلاع ثورة القاهرة الثانية في الفترة الممتدة تقريبًا لشهر واحد . لم يكن القاهريون على دراية بالوضع الحقيقي حتى استيقظوا على دوي المدافع والقتال. شهدت هذه الثورة دورًا مهمًا للشخصيات المرموقة في القاهرة، بما في ذلك الأعيان والتجار وكبار المشايخ، الذين لم يترددوا في دعم الثورة منذ البداية. تجمع العديد منهم.بما في ذلك السيد عمر مكرم نقيب الأشراف. والسيد أحمد المحروقي شاه بندر التجار، بالإضافة إلى أتراك من خان الخليلى والمغاربة المقيمين في مصر وبعض المماليك، وقاموا بالتوجه إلى التلال خارج باب النصر. قام الثوار بإحضار مدافع ومواد حربية من مختلف المصادر. بما في ذلك من المتاجر والمواقع التي كانت تستخدم لتصنيع وإصلاح المعدات العسكرية. استمرت الثورة في التصاعد، حتى انتقلت إلى منطقة بولاق حيث قاد الحاج مصطفى البشتيلي وجماعته هجومًا على معسكر الفرنسيين.

في هذه الأثناء، قاتل القاهريون بكل ما لديهم من إمكانيات، وتعاونوا معًا في مواجهة العدو بشجاعة. عندما عاد الجنرال كليبر إلى القاهرة. وجد أن المدينة قد تحولت إلى ثكنة عسكرية. وبدأ في فرض حصار شديد ومنع إمدادات المتمردين. ومع ذلك، لم ييأس كليبر وسعى للتوصل إلى اتفاق مع مراد بك.أحد زعماء المماليك، الذي قدم المؤن والدعم للفرنسيين.

قصف بولاق

بعد أن دكت القاهرة بالمدافع، وتعرض حي بولاق لقصف مكثف، اندلعت النيران في المنطقة وأتلفت عدة مبانٍ وقصور في الأزبكية وبركة الرطلى. ورغم هذا، فإن الروح المعنوية للشعب المصري بقيت قوية. وتحرك المشايخ والفقهاء والتجار لحث الناس على الجهاد والقتال.

انتصرت القوة الفرنسية في النهاية بفضل تفوقها العسكري ووحشيتها في التصرف مع سكان المناطق التي اجتاحتها. وفي بولاق، قام الفرنسيون بأعمال قتل وتدمير مروعة، حيث أفاد الجبرتي أنهم “ذبحوا وقتلوا السكان وأشعلوا النيران في المباني والقصور، ونهبوا الممتلكات والبضائع. وسطوا على النساء والأطفال والممتلكات”.

في هذا السياق، تدخل علماء الأزهر لوقف هذه الأعمال الوحشية وبدء عمليات المفاوضات بين الثوار والجنرال كليبر. وفي 21 أبريل 1800. تم التوصل إلى اتفاق يقضي بإخلاء الفرنسيين للقاهرة خلال ثلاثة أيام مع مغادرتهم بأسلحتهم إلى حدود سوريا، مقابل عفو كليبر عن سكان القاهرة الذين شاركوا في الثورة.

على الرغم من هذا الاتفاق، فقد أنكر كليبر التزاماته وفرض غرامات ضخمة على العلماء والأعيان، وصادر أملاك السيد أحمد المحروقي وأعدم الحاج مصطفى البشتيلي وسجن السادات. كما فرض على الدور والممتلكات أجرة لمدة سنة، وشملت هذه العقوبات جميع شرائح المجتمع بدءًا من التجار وصولًا إلى الحرفيين والقضاة.

بعد تخفيف الاضطرابات، قام كليبر ببعض الإصلاحات الإدارية والمالية، لكنه لم يمض وقت طويل حتى تم اغتياله في 21 محرم 1215هـ (14 يونيو 1800م) من قبل طالب أزهري سوري. وتمت معاقبة القاتل بعد تشييع جنازة كليبر في حفلة رسمية استمرت ثلاثة أيام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى