خناثة بنُّونة: قلم ينبض بالثقافة والنضال من قلب المغرب
في أحضان مدينة فاس المغربية. التي تفوح منها عبق التاريخ والثقافة، وُلدت خناثة أحمد بنُّونة. كما أن الروائية التي نسجت من حروفها لوحات فنية تعكس روح المغرب الأصيل. تلقت تعليمها الأول في رحاب مدرسة ابن كيران العريقة، لتواصل بعدها رحلتها العلمية في مدرسة المعلمات. حيث أتمت دراستها العليا في الاجتماعيات بتفوق عام 1963.
من هي خناثة بنُّونة
مسيرتها المهنية كانت حافلة بالعطاء؛ فقد أثرت الحياة التعليمية بخبرتها كمعلمة. ثم كمديرة لثانوية ولاّدة بالدار البيضاء. وفي عام 1965، أطلقت مجلة الشروق، لتكون بذلك رائدة المجلات الثقافية النسائية في المغرب، وتتبوأ منصب رئيسة التحرير بكل جدارة. كما كانت عضوًا فاعلًا في اتحاد كتاب المغرب وحزب الاستقلال.
تربت خناثة في كنف عائلة فاسية معروفة بمقاومتها للاستعمار. وقد شكلت هذه البيئة النضالية بوتقة أساسية في تشكيل شخصيتها الأدبية والفكرية. فاس، بمقاومتها الشرسة للفرنسيين. وتمسكها بالهوية المغربية والعربية والقيم الإسلامية. كما كانت مصدر إلهام لها. فقد عايشت خناثة الألم والمعاناة عن قرب. حيث تعرض أفراد عائلتها للعقاب القاسي من قبل المستعمرين، مما خلف في نفسها أثرًا بالغًا، وأشعل فيها جذوة الثورة والنضال.
كانت خناثة قارئة نهمة منذ صغرها، حيث استغرقت في أعمال الشابي والمعري ونيتشه ودستوفسكي والمتنبي، وبدأت في كتابة الشعر والتأليف في مجالي التاريخ والفلسفة منذ سن مبكرة. وبعد حصولها على شهادة البكالوريا، التحقت بالمعهد العراقي العالي لفترة وجيزة، لتقرر بعد ذلك أن تكمل تعليمها بنفسها بمساعدة العابد الفارسي، قيّم خزانة القرويين، الذي شجعها على الاطلاع والبحث في المكتبات المغربية.
بفضل دعم والدها، أسست مكتبة عامة في منزلها، وتحولت دارها إلى مركز ثقافي يضم مجلتها “شروق”. وفي سبيل نشر أعمالها الأدبية، لم تتردد في بيع مجوهراتها لتمويل طباعة كتابها الأول “ليسقط الصمت”، وتلقت دعم الزعيم السياسي علال الفاسي في طباعة كتابها الثاني “النار والاختيار”.
تتميز قصص خناثة بنّونة بغناها السياسي والفكري والفلسفي والفني، وتعكس رواياتها الصراعات الوجودية العميقة التي تتقاطع مع موضوعات مثل الحرية والاختيار، الحياة والموت، والواقعية مقابل المثالية.
من بين مؤلفاتها البارزة: “يسقط الصمت” (1967)، “النار والاختيار” (1968)، “الصورة والصوت” (1975)، “العاصفة” (1979)، “الغدو والغضب” (1981)، “الكتابة خارج النص” (1984)، و”الصمت الناطق” (1987).