مسجد السلطان إينال: شاهد على عظمة المماليك وجمال العمارة الإسلامية
مسجد السلطان إينال وضريحه، كان السلطان الأشرف إينال مملوكاً من أصل جركسي اشتراه السلطان الظاهر برقوق. ولما توفي برقوق وخلفه ابنه فرج، أعتق إينال وأعطاه مناصب عالية في الدولة في عهد السلطانين الأشرف برسباي والظاهر أبو سعيد جقمق، حتى بلغ رتبة أتابك العساكر أي أمير الأمراء في عهد الأخير. وبعد وفاة الظاهر جقمق وتولي ابنه المنصور عثمان السلطنة. كما قام الجند بالتمرد على الملك الجديد واختاروا إينال ليكون سلطاناً عام 1453م وأطلقوا عليه لقب الملك الأشرف إينال. وحكم إينال ثماني سنوات وتوفي عام 1461م.
تاريخ مسجد السلطان إينال
هذه المجموعة الأثرية من المباني هي من أبرز الآثار التي بنيت في عصر المماليك. كما تتألف من قبة ومسجد ومدرسة وخانقاه. ورغم تعرضها للزمن وفقدان بعض أجزائها، إلا أنها ما زالت تحافظ على معظم مظاهرها التي تشهد على جمالها وعظمتها. وقد بنيت الخانقاه والمسجد بعد أن تولى إينال السلطنة.
فبنيت الخانقاه عام 1454م وبني المسجد عام 1456م. وتطل واجهة هذه المجموعة على شارع السلطان أحمد. وعلى طولها إلى الجنوب توجد واجهة مسجد وقبة الأمير قرقماس اللذين بنيا عام 1507م. ويقع ضريح إينال في الجانب الشمالي من الواجهة، وهو على شكل مربع من الأسفل يتوجه قاعدة هرمية في كل وجهة منها ثلاثة شبابيك معقودة ومتجاورة تعلوها ثلاثة شبابيك دائرية. وتقوم على هذه القاعدة قبة فيها شبابيك معقودة في دائرة رقبتها وزين سطحها بخطوط متكسرة على شكل دالات. وبعد القبة تأتي واجهة المسجد وفي جانبها الجنوبي المدخل بطاقيته المخوصة ومقرنصاته الرائعة. وبعد ذلك تأتي المنارة وهي منفصلة عن المسجد وتبدأ من الأسفل بشكل مربع ثم مثمن ثم دائري وتنتهي بخوذة مزخرفة بأشكال متنوعة ومقرنصات جميلة. وهي من أنحف وأجمل المنارات المملوكية.
كما بني المسجد على شكل المدارس ذات التخطيط المتعامد، ويتكون من صحن مكشوف يحيط به أربعة إيوانات متقابلة كانت تغطيها أسقف خشبية لكنها اندثرت. وكانت جدران رواق القبلة وجدران القبة مغطاة بوزرة رخامية لم تبق منها سوى بعض الآثار. وفي وسط جدار القبلة محراب مزين بنقوش محفورة في الحجر، مثل المحراب الذي في القبة. وتحت أرض المسجد خلوات مفتوحة على فضاء محاط ببقايا مباني الخانقاه التي اختفى الكثير منها. كما من أهم ما بقي منها بابها الذي يقع في الواجهة الشمالية.