حوارات و تقاريرعادات و تقاليد

“الزواج المحظور”.. أصحاب البيضاء والسمراء لا يلتقيان في زواج القبائل الأمازيغية

أميرة جادو

يتمسك الكثير الشعوب والقبائل بعاداتهم وتقاليدهم، وعلى رأسهم عادات الزواج عند قبائل الأمازيغ، حيث تنحصر زيجاتهم على ذوي البشرة البيضاء في ما بينهم، كما هو الحال عند الأمازيغ من أصحاب البشرة السمراء، وعدم تبادل المصاهرة بينهما.

ويرجع العديد من المؤرخين والنشطاء، السبب في تلك العادة المستمرة والتي تصل إلى حد منع مصاهرة قبيلة أمازيغية مع قبيلة أمازيغية أخرى إلى الموروث التاريخي لمنطقة الجنوب الشرقي في المغرب، لاسيما ما يتعلق بماضي الرق والعبودية الذي أفرز هذه السلوكات التي توصف بالعنصرية.

حظر الزواج المختلط

في هذا الإطار، كشف “محند العطاوي”، أحد أبناء “آيت عطا”، وهي من ضمن قبائل الأمازيغ الموجودة في الجنوب الشرقي للمغرب، بأن هناك بالفعل عادات وأعرافاً اجتماعية قبلية تحظر منذ أمد بعيد وإلى اليوم الزواج “مختلط اللون”، أي زواج رجل ذي بشرة سمراء من امرأة بيضاء، والعكس أيضاً لدى أمازيغ هذه القبائل.

وأضاف “العطاوي”،  أنه من النادر جداً أن يشاهد زوجان أمازيغيان من مناطق الجنوب الشرقي للمغرب، والتي تضم زاكورة والرشيدية وفجيج وورززات وغيرها، أحدهما أسمر اللون والثاني أبيض البشرة، وإذا حصل ووقع ذلك فإن الزواج لا يسلم من المنغصات والتشبيهات.

واستطرد “العطاوي”، أن هناك أمازيغ في الجنوب الشرقي لا يزال وصفهم بالعبيد أو “إسمخان” أو “كناويين” أو “حرناطيين”، بالنظر إلى لون البشرة السوداء أو أقل سواداً وتميل إلى السمرة، وهي نعوت تقوم على اللون وتمنع إبرام عقود الزواج مع أمازيغ بيض اللون.

انحسار المصاهرة

من جانبه، اكد “عسو حنصال”، الناشط المغربي المنحدر من أمازيغ الجنوب الشرقي، أن حظر المصاهرة ومنع علاقات الزواج بين أصحاب البشرتين البيضاء والسمراء في مناطق أمازيغية “ظاهرة لا تتعلق باللون كما قد يبدو للبعض، أو بالعنصرية القائمة على البشرة، بل هي عادات قبلية تاريخية ظلت مستمرة بسبب سطوة هذه الأعراف على قبائل أمازيغية”.

خلفيات قبلية

كما أشار “حسن أمقران”، المتخصص في الشأن الأمازيغي، إلى أن هذه الزيجات “الممنوعة”، “سلوكيات تنحدر من الموروث التاريخي لمنطقة الجنوب الشرقي للمغرب، بكل ما يحمله من تناقضات وشوائب واختلالات متراكمة يصعب إخضاعها لميزان العقل”.

وأردف “أمقران”، أن “هذه العادات والأعراف تنتعش أكثر لدى الفروع الصنهاجية بخاصة في سفوح الأطلس الكبير الشرقي، حيث توجد حدود عديدة تجعل الزواج من خارج العشيرة المتمركزة يدخل ضمن دائرة الممنوع والشذوذ الاجتماعي والقبائلي”.

ونوه “أمقران”، إلى أن “الزواج المختلط أو الممنوع لا يهم فقط مختلفي لون البشرة، بل يتعداه إلى تمركز غير مفهوم على العشيرة الصغرى داخل القبيلة نفسها، فهناك فروع لا يمكن أن يجمعها الزواج ولو كانت تنتمي إلى القبيلة نفسها، وهو ما ينتشر في اتحادية آيت عطا أو اتحادية آيت يافلمان”.

وتابع “أمقران”: “يتراوح التفسير بين الصراعات القديمة أحياناً، والائتلافات التي كانت توقع بحرمة الدم، عطفاً على سلطة الأعراف”، لافتًا إلى أن اللون ليس هو المانع الوحيد، فبعض القبائل تقبل بالزواج من الكناويين (العبيد أو إسمخان)، لكن لا تقبل الزواج بقبائل من بشرة أقل سمرة بل وحتى من بيض البشرة أنفسهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى