منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام الأمور في مصر في عام 2014..شهد التعاون بين مصر والهند تطورا كبيرا خلال التسع سنوات الماضية وتحول من علاقات تاريخية إلى شراكة استراتيجية بين دولتين كانتا منذ بدء التاريخ مهدا للحضارة الإنسانية، شراكة تقوم في جوهرها وفكرها على ما أشار إليه الرئيس السيسي ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي من أن الحضارات القديمة في الهند ومصر لديها ممارسات حياتية مستدامة متجذرة في ثقافتها وتقاليدها بما يمكنها من أن تقدم للعالم أجمع نماذج يحتذى بها عن الاستدامة وكيفية العيش في وئام مع الطبيعة.
تقوية شراكاتها الاستراتيجية
وفى هذا الإطار، أوضح عبد النبي عبد الستار الخبير الاستراتيجي، ركزت مصر خلال التسع سنوات من حكم الرئيس السيسي على تقوية شراكاتها الاستراتيجية مع القوى العظمى وتلك البازغة وفي رأسها القوى الآسيوية بهدف تحقيق المصالح الوطنية مع جميع الأطراف الدولية الفعالة، تطبيقًا لرؤية القيادة السياسية المصرية نحو زيادة أوجه التعاون المصري – الآسيوي وتعميق العلاقات مع الدول الآسيوية من خلال تحقيق أقصى استفادة من خبرات العديد من الدول الآسيوية المتقدمة.
وتابع الخبير الاستراتيجي، سياسة خارجية رشيدة ورؤية حكيمة للقيادة السياسية في التحرك الخارجي شرقا وغربا، شمالا وجنوبا.. وإنجاز لأداء الدبلوماسية المصرية المخضرمة في تعظيم العلاقات مع كافة الدول في ربوع العالم استمد دفعًا إجايا من رؤية القيادة السياسية للأوضاع الدولية والإقليمية وتحديدها المباشر والواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستوى الرئاسي مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكا لكون تحديد صانع القرار السياسي للأهداف والمبادئ التي تحكم تحركات السياسة الخارجية أهم عناصر نجاحها، منذ أن أصبح الرئيس عبد الفتاح السيسي حاكما لمصر بعد ثورة الشعب المصري العظيم بمختلف أطيافه في الثلاثين من يونيو.
وبالفعل… وعلى مدى التسع سنوات الماضية حصدت مصر بقيادة الرئيس السيسي ثمار سياستها الخارجية الجديدة بما في ذلك مع القارة الآسيوية لتحقق زخما في العلاقات تعبر عنه وتيرة عالية تمثلت في تبادل الزيارات رفيعة المستوى على المستوى الرئاسي أو على المستويات الوزارية وكبار المسئولين بهدف تقوية التعاون الثنائي بين مصر والعديد من الدول الآسيوية والمنظمات الإقليمية الآسيوية.
التعاون في المجالات الفنية
ويرى الخبراء أن التعاون في المجالات الفنية والتقنية يشكل أحد أهم ركائز العلاقات المصرية مع الدول الآسيوية، خاصة في قطاعات التعليم والتعليم العالي والصحة وبناء القدرات والتكنولوجيا والبحث العلمي والتبادل الثقافي والسياحة والبنية التحتية والاستثمار والتجارة.
فالسنوات التسع الماضية كانت شاهدة على تضافر التعاون بين مصر والهند التي احتفلت العام الماضي بمرور 75 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما. زخم في العلاقات الثنائية ساهم في تعزيز الزيارتين التي قام بهما الرئيس عبد الفتاح السيسي للهند في أكتوبر 2015 وفى سبتمبر 2016.
في بداية عام 2023 وخلال زيارته التاريخية للعاصمة الهندية نيودلهي…أعرب الرئيس السيسي عن عزم مصر والهند على تطوير علاقتهما الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والتعاون المتبادل في مختلف المجالات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وأكد على أن تكامل إمكانات مصر والهند يمكنه أن يشكل منظومة قوية قادرة على مواجهة التحديات المشتركة والأزمات الدولية الحالية بما في ذلك أزمتي الطاقة والغذاء.
مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات
ويذكر المحرر الدبلوماسي لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن زيارة الدولة إلى الهند التي استضاف فيها الرئيس السيسي كضيف رئيسي في احتفالات يوم الجمهورية في 26 يناير الماضي بدعوة من رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، شهدت مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات حيث أعلِن عن تطويرها إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية” حيث صدر بيان مشترك من 38 بندا يشمل التأكيد على تطوير علاقاتهما الثنائية إلى مُستوى “الشراكة الاستراتيجية” التي تشمل المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية والطاقة.
وأفاد البيان أنه استجابةً لدعوة ناريندرا مودي، قام الرئيس السيسي، بزيارة إلى الهند خلال الفترة من 24 إلى 26 يناير 2023. وأوضح البيان أن هذه الزيارة تظهِر الأهمية الكبيرة التي تولِّى لها الهند لعلاقاتها مع مصر، حيث كان الرئيس ضيف شرف في احتفالات ” يوم الجمهورية” يوم 26 يناير 2023، وتعد زيارة الدولة هذه هي ثاني زيارة يقدم بها رئيس جمهورية إلى الهند، حضر خلالها وفد رفيع المستوى يضم وزراء خارجیة وکھرباء وطاقة متجددة وإتصالات وتکنولوجیة معلومات، وكذلك عدد من كبار مسئولي الحكومة المصرية.
محادثات منفردة وموسعة
في أجواء من الود والتفاهم، عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي محادثات منفردة وموسعة بمُشاركة وفدي البلدين، وأبدیا – في البيان – تقديرهما للتعاون المثمر بين الجانبين على المستوى الثنائي وفي المحافل الدولية.. وأوضحا أهمية توقيت هذه الزيارة، إذ تحتفل الدولتان الصديقتان بالذكرى الخامسة والسبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وفي ضوء تطور العلاقات الثنائية بين البلدين وإمكانية نموها في المستقبل، قرر الزعيمان تطوير علاقاتهما إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية” التي تشمل المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والطاقة والاقتصادية، ويهدف الجانبان من خلال ذلك إلى تحقيق المصالح المشتركة وتعزيز التضامن المتبادل للتغَلب على المشكلات التي تنجم عن مختلف الأزمات والتحديات المتتالية التي يواجهها العالم، وراجعا حالة العلاقات الثنائية التي تستند إلى ركائز تَهْدِف لتعزيز التعاون السياسي والأمني، وتغلیظ المشاركة الاقتصادية، وتقوية التعاون العلمي والأكاديمي، إضافةً إلى توسیع التواصل الثقافی والشعبی.
وإذ يقَدر للبادرة الودية التی قامت بها الهند بدعوة مصر للمشارکة کضیف في اجتماعات وقمة مجموعة العشرین، عبر الرئیس عبد الفتاح السیسی عن ثقته في أن هذا المحفل سیکون ناجحًا في تحقیق أهدافه خلال رئاسة هند لمجموعة العشرین، واتفق الزعیمان على التعامل سَوِیا بشکل مکثف خلال فترة رئاسة هند لمجموعة العشرین، وأکدا من جدید أن مصالح وأولویات “الجنوب” یجب أن تکون محط اهتمام وإِھتمام في المنتديات العالمیة الرئیسیة، بما في ذلك مجموعة العشرین.