اللواء جمال مظلوم يكشف تفاصيل نشأة سلاح الحرب الإلكترونية ودوره في حرب أكتوبر
أسماء صبحي
قال اللواء ا.ح جمال مظلوم، في مذكراته عن أهم فترات حياته، إن القوات المسلحة بدأت عمل نواة سلاح الحرب الإلكترونية من سلاح الإشارة، وبدأته قبل نكسة 1967. ولأنى كنت أجيد لغة العدد “العبرية”، والحرب الإلكترونية جزءان استطلاع إلكترونى لجمع المعلومات وإعاقة إلكترونية. وأنا كنت أتبع الاستطلاع الإلكترونى وبحكم أنها مصدر معلومات انتقلت تبعيتها إلى جهاز إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع. لأنها المسئولة عن الحصول على معلومات عن العدو، وبدأنا من الصفر. ولكننا تطورنا وتوسعنا إلى أن أصبح أمام كل جيش من قواتنا فوج من سلاح الحرب الإلكترونية مكون من سرية إلى كتيبة إلى فوج.
مهمة الاستطلاع الإلكتروني
وأضاف أن الاستطلاع الإلكتروني أصبح مصدراً مهماً للقوات فى جمع المعلومات. وقبل الحرب كنا نهتم بماذا يعرف العدو عن قواتنا وهذه كانت نقطة حيوية يمكن لها أن تغير مجرى الحرب. لأننا إذا كنا نريد الهجوم فسنعرف ماذا سيفعل وهل عرف خطتنا ووقت الهجوم أم لا.
كان لنا دور مهم فى عمليات الاستنزاف التي تقوم بها الأفراد سواء الإغارة على العدو بهدف الحصول على أسرى أو وثائق أو معدة. أو خلال عمليات الأكمنة ضد الدوريات الإسرائيلية، لأننا كنا نعلم ماذا يفعل العدو بالتفاصيل ونعرف تحركات وأماكن السيارات والدبابات والطائرات بل من الموجود في هذه المعدات.ووكنا نضع هذه المعلومات بين يدي القوات المغيرة وتجعل العدو كتاباً مفتوحاً أمامهم.
وتابع: “كان لدينا أفراد ممتازون جداً لدرجة أنهم حفظوا أصوات المتحدثين الإسرائيليين عن طريق الصفات الشخصية لهم. مثلاً أحدهم به عثرة في نطق حرف ما، وآخر يتحدث بصوت منخفض، وغيره صوته مرتفع. وهذا جعلنا نتابعهم مهما هربوا بالتردد في توقيت العمل بأي صورة من الصور. ثم أحضروا جهاز تشويش وضعوه على اللاسلكى فذهبنا إلى الكلية الفنية العسكرية وكليات الهندسة لنعرف طبيعة هذا التشويش وكيفية التغلب عليه. وبالفعل أحضروا لنا وحدات نضعها على الأجهزة حتى نفك هذا التشويش.
حرب أكتوبر
وأشار إلى أنه في حرب أكتوبر أذهلنا العدو من دقة الضربات التي نتجت عن دقة وغزارة المعلومات التي وفرناها للقيادة العامة للقوات المسلحة. ولهذا عندما قامت بالضربة الجوية أو بضربات المدفعية أو بتدفق الجنود أو إبرار قوات المظلات والصاعقة في أماكنها الصحيحة لقطع الطرق عن الإمدادات الإسرائيلية كانت في منتهى الدقة. بل كان لبعض أفراد الإشارة دور كبير فى تحقيق الاتصال في أصعب اللحظات الحرجة في التنسيق بين القوات البرية والجوية والبحرية. خلال فترات الراحة بعائلاتهم من خلال سلاح الإشارة وهي من الأسلحة التي لم يسلط على دورها الضوء إعلامياً فى حرب أكتوبر.
وقال: “أقسم بالله كنا نستمع إليهم وهم يصرخون ويقولون المقاتل المصري شرس وقوي والضرب علينا شديد جداً ولا نستطيع مقاومته. وكانوا يخبرون بعضهم بأسماء الجرحى والقتلى من زملائهم وعن الخنادق والدشم التى استولى عليها الجنود المصريون”.
وأوضح أن ما يعلمه العالم أن حرب أكتوبر أعادت لنا الأرض والكرامة وأعطت لمصر الهيبة والعزة. ومع هذا أظهرت مهارات القيادة السياسية والعسكرية في التخطيط للحرب، وأن المبادأة كانت في يد العرب. والعدو كان يعتمد على العجرفة والغرور والخلل في التوازن العسكري الذى كان لصالحهم.
وأضاف: “مصر تحدت التفوق العسكري الإسرائيلي، ودخلت حرباً من أجل الاستقرار وليس من أجل الاعتداء والجندي قاتل من أجل قضية يؤمن بها عكس الآخر الذى قاتل عن أرض يحتلها. وأكتوبر كانت أفضل صورة للتضامن العربي في الدعم المادي واستخدام سلاح البترول في المعركة. وإسرائيل رغم امتلاكها التفوق الكمي والنوعي من الأسلحة الأمريكية إلا أنه تم تكبيدها خسائر رهيبة وتم كسر نظرية الأمن الإسرائيلي. بعد أن اعتمد أن قناة السويس هي خط الأمان له، ويعتمد على قواته الجوية لكن حائط الصواريخ المصري جعلنا نستمع إلي تحذيراتهم لطياريهم من الاقتراب من القناة بعشرة كيلومترات هذا قبل عبورنا”.