وطنيات

إسماعيل شيرين.. الضابط الذي أعاد طابا بشهادته ووفائه لوطنه

أسماء صبحي

في كل عام، يحتفل المصريون في الخامس والعشرين من أبريل بذكرى تحرير سيناء. هذا اليوم الذي ارتفع فيه علم مصر عاليًا على أرضها الغالية. إيذانًا بانتهاء أطول فصول الاحتلال الإسرائيلي عقب الانسحاب الكامل لآخر جندي إسرائيلي من أراضي سيناء تنفيذًا لما نصت عليه معاهدة كامب ديفيد.

وعلى الرغم من استرداد سيناء بالكامل، فإن مدينة طابا ظلت الاستثناء الوحيد. حتى استعادتها بالطرق القانونية والدبلوماسية عبر التحكيم الدولي في الخامس عشر من مارس عام 1989. حين اكتمل المشهد بتحرير كل شبر من الأرض المصرية ورفرف العلم المصري فوق طابا آخر النقاط المحتلة.

إسماعيل شيرين

من بين الأسماء التي تستحق أن تروى بكل فخر في ملحمة طابا. يبرز اسم العقيد إسماعيل شيرين، أحد أبناء سلاح الفرسان في الجيش المصري. وواحد من أحفاد محمد علي باشا، وابن عم الملك فؤاد، وكان آخر من تولى منصب وزير الحربية في عهد الملكية قبل ثورة 1952.

ورغم خروجه من المشهد بعد سقوط النظام الملكي، فإن حبه لوطنه لم يخفت أبدًا. بل ظل حافزًا دفعه ليعود من ظلال النسيان، ويشارك بشجاعة في واحدة من أهم القضايا الوطنية في العصر الحديث.

فعندما بدأت إجراءات التحكيم الدولي بين مصر وإسرائيل على طابا، والتي جرت بالعاصمة السويسرية جنيف. ومع علمه بإصرار إسرائيل على أحقيتها في طابا ورفضها لعودتها إلى مصر، لم يتردد إسماعيل شيرين لحظة واحدة. تقدم متطوعًا لفريق التحكيم المصري، عارضًا تقديم شهادته التي رآها واجبًا وطنيًا لا يمكن التراجع عنه رغم أنه لم يطلب منه ذلك.

شهادة وطنية

لم تكن شهادة شيرين مجرد كلمات مرسلة، بل استندت إلى أدلة دامغة تحمل قيمة تاريخية وقانونية بالغة الأهمية. فقد أفاد أمام المحكمة بأنه كان قائدًا لإحدى الكتائب المصرية في طابا. وقدم خطابات رسمية وخاصة كان قد أرسلها من طابا إلى زوجته وأسرته. موثقة بأختام بريد وطوابع مصرية تؤكد أن طابا كانت ضمن النطاق البريدي المصري في ذلك الوقت.

ورغم الخصوصية الشديدة لتلك الخطابات، فإنه لم يتردد في تقديمها كقرائن لصالح الوطن مضحيًا بخصوصياته من أجل إثبات الحق المصري. كما دعم شهادته بمجموعة من الصور الشخصية التي تجمعه مع جنود مصريين يرتدون الزي العسكري الملكي المصري والطربوش الأحمر أثناء وجودهم في طابا. مما عزز الرواية التاريخية عن الوجود العسكري المصري المتواصل في المدينة.

شهادة تحسم النزاع

قبلت المحكمة الدولية شهادة العقيد شيرين، التي جاءت حاسمة في ترجيح كفة مصر. وأسهمت في تعزيز الأدلة التي قدمها الفريق المصري من وثائق، وخرائط، ودفوع قانونية. ولم يكن دوره مجرد جزء من دفاع تقني، بل كان رمزًا لوفاء الضباط الوطنيين الذين لم ينسوا الوطن يومًا. حتى بعد تقاعدهم أو تغييبهم عن المشهد.

وبفضل هذه الشهادة المخلصة، وتلك الجهود الوطنية القانونية والديبلوماسية. أسدل الستار على آخر حلقات الاحتلال الإسرائيلي، وعادت طابا إلى حضن الوطن. في انتصار تاريخي لمصر في المحافل الدولية دون إطلاق رصاصة واحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى