ﻋﺼﻤﺖ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﺍني.. لماذا لقيت بـ “ﺃﻡ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ” ؟
أسماء صبحي
ﻭﻟﺪﺕ عصمت الإسكندراني ﻋﺎﻡ 1898 ﻭﺗﻠﻘﺖ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ﺑﺎﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ فى ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ. ﻭﺃﺟﺎﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻟﻐﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اللغة ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ، ﺗﻌﻠﻘﺖ ﻣﻨﺬ ﺻﺒﺎﻫﺎ ﺑﺠﺪﻫﺎ ﺣﺴﻦ ﺑﺎﺷﺎ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﺍني. ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺬي اﺳﺘﺸﻬﺪ في ﺣﺮﺏ ﺍﻟﻘﺮﻡ ﺑﻴﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﺭﻭﺳﻴﺎ ﻋﺎﻡ 1854.
لقب “بنت بطوطة”
ويقول ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻧﻘﻮﻻ ﻳﻮﺳﻒ، في ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺃﻋﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ، إنه ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ كتبت عصمت ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﺍني ﺍﻟﻤﻠﻘﺒﺔ بـ “ﺑﻨﺖ ﺑﻄﻮﻃﺔ” ﺳﻮﺍﺀ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃﻡ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻄﻮياً في اﻟﺼﺤﻒ ﻭﺍﻟﻤﺠﻼت ﻟﻢ ﻳﺠﻤﻊ ﺃﻭ ﻳﺘﺮﺟﻢ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﻦ ﺑﺘﺪﻭﻳﻦ ﺫﻛﺮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻭﺭﺣﻼﺗﻬﺎ، ﺃﻭ ﺑﻨﺸﺮ ﺳﻴﺮﺗﻬﺎ.
ﻗﺎﻣﺖ ﻋﺼﻤﺖ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﻋﺪﺓ، ﻓﻄﺎﻓﺖ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﻭﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﺍﻷﻧﺪﻟﺲ ﺑﺈﺳﺒﺎﻧﻴﺎ، ﺣﻴﺚ ﺩﺭﺳﺖ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻭﺍﻟﻘﻼﻉ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻛﻤﺎ ﺗﺮﺩﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺎﺣﻒ ﻭﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺑﻠﺠﻴﻜﺎ ﻭﺳﻮﻳﺴﺮﺍ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻗﻀﺖ 18 ﻋﺎماً فى ﺭﺣﻼﺗﻬﺎ ﺍﻹﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ”ﺑﻨﺖ ﺑﻄﻮﻃﺔ” ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺃﺳﻔﺎﺭﻫﺎ.
ﻭفي ﺳﻔﺮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻃﺎﺏ ﻟﻬﺎ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻤﻼﺣﻴﻦ ﻭﺍﻟﺒﺤﺎﺭﺓ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺨﺸﻨﺔ في ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ، ﻭﻟﻢ ﺗﺴﺘﻬﻮﻫﺎ ﺑﻮﺍﺧﺮ ﺍﻟﺘﺮﻑ ﻭﺭﺣﻼﺕ ﺍﻟﺒﺬﺥ. وﺑﻌﺪ الترحال ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ اﺳﺘﻘﺮﺕ في ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻭﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮبي. ﻭﻧﺸﺮ ﻣﻘﺎﻻﺗﻬﺎ في ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮبي ﻭﺍﻟﺸﺮقى ﻭﺃﻣﺠﺎﺩﻩ. ﻭﺗﻌﺮﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻕ ﺍﻟﻔﺮنسي ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎﻥ ﺷﻴﺮﻓﻴﺲ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ في ﺍﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺬي ﻻﺣﻆ ﺷﻐﻔﻬﺎ ﺑﺎﻵﺛﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﺣﻼﺕ. ﻓﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ فى ﻣﻜﺘﺒﺘﻪ ﻭﺃﺷﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﺘﺐ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺑﻼﺩﻫﺎ ﻭﺃﻥ ﺗﻜﻨﻰ ﺑـ “بنت بطوطة”.
مؤلفات عصمت الإسكندراني
ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻌﺔ ﺣﺮﺑﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺣﻄﻴﻦ ﻭﻋﻴﻦ ﺟﺎﻟﻮﺕ، ﻭﻣﻮﻗﻌﺔ ﺷﺮﻳﺶ ﺍلتي ﺃﻋﻠﻨﺖ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻸﻧﺪﻟﺲ ﻟﻌﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ. ﻭاﺷﺘﺮﻛﺖ فى ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻣﺎﺗﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﻷﺷﻬﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﻭﺟﺎﺋﺰﺗﻬﺎ 500 ﻓﺮﻧﻚ. ﻭﻛﺘﺒﺖ ﺃيضاً ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ “ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ” ﻭ “ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﻣﻜﺔ” 1943 ، ﻭﻛﺘﺎﺏ “ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ” ﺍﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻨﺸﺮ، ﻭﻛﺎﻥ ﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭ ”ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ” 1947 ، ﻟﻺﺷﺎﺩﺓ ﺑﺄﻣﺠﺎﺩ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻭ “ﻣﻮﻗﻌﺔ ﻧﻔﺎﺭﻳﻦ” 1960 ﻭ “اﻟﻤﻐﺎﻣﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ” 1951 ﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ.
وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﺒﺖ ﺣﺮﺏ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻋﺎﻡ 48 ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺎﻟﺘﺒﺮﻉ ﺑﺴﻔﻴﻨﺔ ﺣﺮﺑﻴﺔ ﻣﺠﻬﺰﺓ ﻛﺎملة ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻭﺃﻫﺪﺗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ. ﻛﻤﺎ ﺃﻫﺪﺕ ﻣﻨﺰﻟﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ فى ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺘﻴﻦ ﺑﺎﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻧﺎﺩياً ﺑﺤﺮياً. ﻭﻭﻫﺒﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺭﺍﺕ ﻭﺃﺭﺍﺽ ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ في ﻭﺻﻴﺘﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺗﻬﺎ ﻟﻠﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ. ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﻨﻬﻮﺽ ﺑﺄﺳﻄﻮﻝ ﻣﺼﺮ ﻟﻴﻀﺎﺭﻉ ﺃﻛﺒﺮ ﺃﺳﺎﻃﻴﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.
أم البحرية
ﺃﻫﺪﻯ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺟﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ”ﺃﻡ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ” ﻭﺳﺎﻡ ”ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ الذهبي” 1955 ، ﻭﺳﺮﻕ ﺍﻟﻮﺳﺎﻡ ﻣﻦ ﺑﻴﺘها، ﻓﺄﻫﺪﻯ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻭﺳﺎماً أﺧﺮ. ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ في ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ الاحتفال ﺑﻴﻮﻡ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ، ﻭﺑﺈﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺤﻒ ﺍﻟﺒﺤﺮي ﺑﺎﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ في 29 ﺃﻏﺴﻄﺲ 1960.
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ مرحب بها ﺃﻥ ﺗﺪﺧﻞ ﻣﻘﺮ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ في أي ﻭﻗﺖ، و ﺃﻥ ﺗﺼﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﻇﻬﺮ أي سفينة حربية. لان ﻛﻞ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻦ ﺩﻣﻬﺎ تنبض ﺑﺤﺐ ﺃﺭﺽ مصر،
وفي عيد ﺍﻷﻡ 21 ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﺭﺱ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎﻡ كان ﻳﺰﻭﺭﻫﺎ في ﻣﻨﺰﻟﻬﺎ ﺿﺒﺎﻁ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﺒﺤﺮي ﻭﻃﻼﺏ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ. ﻭﻳﻘﺪﻣﻮﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻮﺭﻭﺩ ﻭﺗﻌﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻣﻌﻬﻢ ﺍﻷﻣﺠﺎﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ فى ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﺳﻄﻮﻝ ﺍﻟﻤﺼﺮي ﻋﺎﻡ 1840 ﺛﺎﻟﺚ ﺃﺳﻄﻮﻝ في ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻔﻀﻞ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ.
وﺭﺣﻠﺖ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﺓ ﺍﻷﺩﻳﺒﺔ ﺍﻟﺴﻜﻨﺪﺭﻳﺔ عن عالمنا في ﺻﻤﺖ، في ﻋﺰﺑﺘﻬﺎ ﺑﺸﺒﺮﺍﺧﻴﺖ عام 1973. ﻭﺑﻘﻴﺖ في ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻣﺼﺮ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ.