مرأه بدوية

زاها حديد: رائدة العمارة الحديثة وصانعة الأيقونات العالمية

ولدت المعمارية الشهيرة زاها حديد في بغداد بالعراق، حيث كانت بداية رحلة استثنائية نحو العالمية. درست الرياضيات في الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم انتقلت إلى لندن لتبدأ رحلتها في عالم الهندسة المعمارية. في عام 1977، تخرجت بامتياز من الجمعية المعمارية بلندن، حيث تسلمت شهادتها من يد المهندس العالمي رم كولهاس، وبدأت أولى خطواتها نحو أن تصبح أحد أبرز الأسماء في فن العمارة الحديث.

البدايات والانطلاق نحو العالمية

بدأت زاها حديد مسيرتها العملية في مجال التصميم الداخلي والمفروشات، وسرعان ما امتدت أعمالها لتشمل تصميم المباني متعددة الوظائف. منذ البداية، اتسمت أعمالها بأسلوبها الخاص الذي يعتمد على الهندسة المجزأة والرسم المنظوري المعتمد على الأبعاد النسبية المتعددة. وكان هذا النهج الذي انفردت به نقطة تحول في مشوارها، حيث نالت شهرتها العالمية سريعًا.

أولى الجوائز والانتصارات

في عام 1983، حققت حديد أولى انتصاراتها الكبرى عندما حصلت على جائزة لتصميم “نادي القمة” في هونغ كونغ. تبعتها في السنوات التالية المزيد من الجوائز العالمية، مثل جائزتي برلين ودوسلدورف في ألمانيا عامي 1986 و1989. كما أبهرت العالم بتصميمها للأوبرا في كارديف بالمملكة المتحدة عام 1994، مما زاد من شهرتها كمصممة لا تعرف حدودًا للإبداع.

أول إنجاز بنائي وتحولات في المسار

بين عامي 1991 و1993، شهدت حديد تنفيذ أول مشروع بنائي لها عندما تم إنشاء تصميمها لمحطة الإطفاء على الحدود الألمانية السويسرية. ورغم أن المحطة لم تكن عملية ليتم استخدامها في مهام الإطفاء، إلا أنها تحولت إلى متحف لتظل شاهدة على إبداعها الفني. وتوالت بعدها المشروعات، حيث صممت محطة القطارات في ستراسبورغ بفرنسا عام 2001، ثم محطة التزلج في إنزبروك بالنمسا بعد عام واحد. جاءت هذه التصاميم كأيقونات معمارية تمزج بين الفن والجمال والتكنولوجيا الحديثة.

أعمال رائدة في أميركا والعالم

أحد أكثر مشروعات زاها طموحًا كان تصميم مركز روزنتال للفن الحديث في سنسناتي، أوهايو. وضعت حديد تصميمًا غير مسبوق، حيث جاءت قاعات العرض على هيئة أنابيب ضخمة عائمة فوق الأرض. أرادت تحويل المركز إلى متنزه كبير يمكن للزوار التجول فيه بسهولة، مما دفع صحيفة “نيويورك تايمز” لوصف هذا المشروع بأنه “أهم بناء ينفذ في الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية”.

الإسهام في التعليم والإشراف الأكاديمي

إلى جانب مشروعاتها المعمارية، لم تتوقف زاها حديد عن العطاء في مجال التعليم. تشغل حاليًا كرسي التصميم المعماري للدراسات العليا في جامعة هارفارد، كما حازت على كرسي “سولفان” في كلية الهندسة المعمارية بجامعة شيكاغو. بالإضافة إلى ذلك، هي أستاذ زائر في جامعة هامبورغ بألمانيا وكلية كنولتون للهندسة في أوهايو. وتقوم بإلقاء المحاضرات في جامعات كولومبيا ويال الأمريكيتين، وتواصل تقديم خبراتها في جامعة الفنون التطبيقية في فيينا.

تكريم عالمي ومكانة مرموقة

في عام 2004، اختيرت زاها حديد للحصول على جائزة “لوريت برتزكر” للفن المعماري، والتي تعد من أعلى الأوسمة التي يمكن أن يحصل عليها معماريو العالم. هذا التكريم كان تتويجًا لمسيرة طويلة من الإبداع والتميز في مجال التصميم والهندسة المعمارية، حيث قدمت زاها حديد إسهامات جذرية لتطوير فن العمارة الحديث.

 

زاها حديد ليست مجرد معمارية، بل هي رائدة غيرت ملامح العمارة العالمية. من بغداد إلى لندن، ومن هونغ كونغ إلى سنسناتي، سافرت أفكارها وإبداعاتها عبر القارات، لتحفر اسمها في سجل العظماء في مجالها. وإلى جانب إنجازاتها العملية، لم تتوقف عن نقل معرفتها للآخرين، مؤكدة أن دور المبدع ليس فقط في ما يتركه من مبانٍ، بل فيما يزرعه من أفكار وروح إبداعية للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى