راسم عبيدات يكتب:قمة العقبة دفنت في حوارة
راسم عبيدات يكتب:قمة العقبة دفنت في حوارة
القمة التي عقدت في العقبة يوم الأحد26/2/2023 بطلب امريكي ومشاركة السلطة الفلسطينية ودولة الكيان والأردن ومصر،بعد زيارات مكثفة من قبل وفود امريكية سياسية وأمنية،زارت دولة الكيان والسلطة الفلسطينية ومصر العراب،كان همها الأساس اولاً وعاشراً امن دولة الكيان،وصياغة تهدئة تمنع انفجار الأوضاع من بوابة الأقصى وشهر رمضان،فهذا الإنفجار وما يترتب عليه من تداعيات، قد يؤثر على الأولويات الأمريكية،حيث اولوياتها تتركز على الحرب الأوكرانية والسعي الى الحاق الهزيمة بروسيا،والملف النووي الإيراني،حيث ايران بات من شبه المؤكد أنها ستصبح دولة نووية،والصراع مع الصين،وكذلك الإنفجار وتداعياته،قد يترك تأثيراته على استمرارية حكومة الكيان التي تعيش حالة من عدم الإستقرار،وستتأثر من هذا الإنفجار دول المحيط من النظام الرسمي العربي،بلينكن في زياراته ولقاءته مع قادة دولة الكيان وسلطة رام الله وحضور وزراء خارجية مصر والأردن الى رام الله ولقاءه بهم هناك، اصدر لهم تعليمات واضحة،عليكم العمل على جبهتي رام الله وغزة وقادة الفصائل،لمنع الإنفجار.. وفي ذروة النشاط والعمل الجاري من قبلهم،من أجل تقطيع الوقت وممارسة الضغوط على الطرف الفلسطيني ومختلف مركباته وعناوينه السياسية ،جاءت مجزرة نابلس،بعد اقدام السلطة على سحب مشروع القرار المقدم الى مجلس الأمن الدولي المتعلق بوقف الإستيطان واعتباره غير شرعي وقانوني،قرار مجلس الأمن الدولي (2334)،كانون اول /2016 ،واختزال ذلك ببيان رئاسي يصدر عن مجلس الأمن،ليس له قيمة سياسية او قانونية، الإدارة الأمريكية واصلت ضغوطها على السلطة الفلسطينية للتعاطي مع خطتها الأمنية التي سيقودها الجنرال الأمريكي فنزيل، وجوهرها يقوم على تدريب خمسة ألآلاف عنصر من عناصر امن السلطة في الأردن ومصر،وتشكيل غرفة عمليات مشتركة امنية امريكية – اسرائيلية – فلسطينية، مهمتها إستعادة السيطرة على مدينتي نابلس وجنين،وتصفية بؤر ا ل م ق ا و م ة فيها،والمهمة واضحة اما استسلام او قتل،ولإستكمال المخطط والمشروع،دعت امريكا الشركاء الى قمة في العقبة الأردنية، هدفها واحد لا تصعيد ولا انفجار من بوابة الأقصى وشهر رمضان،والإعتبار الأول والأخير لأمن دولة الكيان،دون مراعاة سياسية او قانونية لحقوق الفلسطينيين،…أثناء انعقاد القمة،جاءت عملية حوارة بقتل مستوطنين كرد طبيعي على مجزرة نابلس، وتلك القمة لم تخرج بأي نتائج عملية،سوى ضمان امن دولة الكيان،مقابل وعود فارغة تجميد مؤقت للإستيطان من 3 – 6 شهور وتخفيف للقبضة الأمنية الإسرائيلية في الضفة والقدس وتقليل عمليات الإقتحام لمناطق السلطة الفلسطينية،وحتى هذه الوعود نفاها بن غفير وسموتريتش ونتنياهو….ولم يجف حبر تلك القمة، حتى ارسل بن غفير باعتباره المسؤول عن جيش خاص به من المستوطنين،سماه بالحرس الوطني كرديف لجيش الكيان في عمليته واعتداءاته على شعبنا الفلسطيني،شكله من ما يعرف بالمتقاعدين والمستوطنين والجماعات الإرهابية “فتيان التلال” وجماعة “تدفيع الثمن” الى نابلس لكي ينفذوا مجزرة بحق اهالي حواره والقرى المجاورة ،على شكل غزوة شاملة تحرق وتدمر وتفتك وتبطش بكل من تجده في طريقها،ويأتي بن غفير،لكي يدعم ويوجه ويشرف على تلك العملية،والتي بلغت حصيلتها ش ه ي د وأكثر من 300 جريح وحرق اكثر من 55 منزل و130 سيارة،وجيش الكيان الذي يدعي فقدان السيطرة،كان يسهل مهمة تلك القطعان من الزعران ويشكل غطاء وحماية لها،وفق استراتيجية،رسمتها تلك الفاشية اليهودية منذ فوزها في الإنتخابات وتوليها مواقع مهمة في الحكومة كوزارة الأمن القومي ومسؤولية حرس الحدود والشرطة لبن غفير والإستيطان والإدارة المدنية ومنسق اعمال حكومة الكيان في الضفة الغربية لسموتريتش.
بن غفير وسموتريتش عندما خاضا الإنتخابات على اساس برنامج يدعو الى تصعيد الإستيطان في كل الضفة الغربية، بإعتبارها أرض ” اسرائيل الكاملة،وكذلك حسم السيطرة على مدينة القدس عبر الطرد والتهجير والإقتلاع والتطهير العرقي،والعمل على تغيير الطابع الديني والقانوني والتاريخي للمسجد الأقصى،وفرض قدسية وحياة يهودية فيه،وبما يتجاوز تكريس التقسيمين الزماني والمكاني،ويترافق ذلك بشن حرب شاملة على الحجر الفلسطيني وتحديداً في القدس ومناطق (جيم)،وسن قوانين وتشريعات مغرقة في العنصرية والتطرف،تطال الأسرى في سجون الكيان والأسرى المحررين من سجونه،بما في ذلك الحرب الإقتصادية،والتي تشمل السطو على حساباتهم في البنوك ومصادرة اموالهم،واقتحام بيوتهم ومداهمتها،وسرقة كل ما يقع تحت ايديهم من اموال ومصاغ وحلي واغرض شخصية،ومصادرة مركباتهم الخاصة، ناهيك عن سن قوانين تتعلق بسحب الجنسية والإقامة المؤقتة من اسرى الداخل الفلسطيني -48 – والقدس على خلفية تنفيذهم لعمليات ضد جيش الكيان ومستوطنيه،وابعادهم الى مناطق السلطة الفلسطينية وقطاع غزة،ناهيك عن المصادقة بالقراءة التمهيدية من الكنيست على سن قانون يتيح اعدام الأسرى الذين ينفذون عمليات م ق ا و م ة ضد جيش ومستوطني الكيان.
هاجس امريكا والمجتمعين في قمة العقبة كان،تقطيع الوقت لتمرير شهر رمضان هادىء،ولذا لم يكتفوا بقمة العقبة،بل دعو لقمة اخرى في شرم الشيخ في آذار القادم ،وقبل شهر رمضان،لمعرفة وتقييم الأوضاع ومدى التقدم في محاربة السلطة لقوى ا ل م ق ا و م ة، وما حققته من تقدم في سيطرتها على مدينتي نابلس وجنين،ولكن عملية حوارة بقتل مستوطنين،والمجزرة التي ارتكبها المستوطنين المتطرفين بقيادة بن غفير،بحق بلدة حوارة- نابلس،خلطت الأوراق،وتلك القمة التي طلبتها امريكا وبحضور السلطة الفلسطينية ودولة الكيان ومصر والأردن،لصياغة تهدئة ،تمنع الإنفجار من بوابة شهر رمضان والأقصى،هذه القمة بينت بأن هذه الدول لا تملك زمام المبادرة فيها،فهي عاجزة عن منع تواصل النشاط الإستيطاني وتصاعدة،وكذلك غير قادرة على لجم توحش وتوغل المستوطنين واعتداءاتهم الإرهابية على شعبنا على طول الجغرافيا الفلسطينية وعرضها،كما حدث في حوارة،وزمام المبادرة هنا بيد الطرف الأقوى في حكومة الكيان،الصهيونية الدينية المتزمتة،التي انتقلت من اطراف المشروع الصهيوني الى قلبه،وكذلك المبادرة بيد الجيل الصاعد من الشباب الفلسطيني،جيل ما بعد بعد اوسلو،والذين اضحوا انمذجة ورموز يقتدى بهم،والكتائب المتشكلة في جنين ونابلس وبلاطه،” ع ر ي ن ا لأ س و د ” و”جنين” وغيرها،ولذلك ارى انه في ظل الحرب الشاملة التي يشنها المستوطنين على شعبنا،وما يرتكبونه من جرائم وعربدة وبلطجة ،فإن خطة مايك فنزيل،لتدريب خمسة ألالاف شرطي فلسطيني ،لكي يمكنوا السلطة من السيطرة على مدينتي نابلس وجنين ،وإستعادة الأمن فيها وتصفية بؤر وقوى ا ل م ق ا و م ة فيها،لن يكتب لها النجاح،وإصرار السلطة على تنفيذها في ظل ما نشهد من اجرام واستباحة لمدننا وقرانا من قبل زعران المستوطنين، الذين بات لهم حواضن حزبية،ومن يمثلهم في الجيش والشرطة والحكومة،فهذا يعني بان السلطة التي تتأكل شعبيتها وحضورها والثقة بها عند شعبنا الفلسطيني بشكل كبير،ستحفر قبرها بيدها وتعجل في سقوطها،اذا ما نفذت خطة فنزيل الأمنية،وستفتح الباب على مصرعية لفتنة داخلية فلسطينية – فلسطينية ،وتقدم خدمة مجانية لدولة الكيان وحليفتها امريكا.