قرية النزلة.. “أم القري” أيقونة صناعة الفخار اليدوي
.علي بُعد حوالي 50 كيلومترا من محافظة الفيوم، وعلي عمق ما يقرب من 30 كيلومترًا من سطح الأرض، يقبع ذلك الوادي الغني بالطين الأسود النقي، علي أطرافه أسست هذه القرية الضاربة بعمق التاريخ، اشتهرت بحرفة أجدادنا المصريون القدماء، والتي احترفوا صناعتها منذ آلاف السنين، فأضحوا قبلة لتلك الصناعة في العالم، وصارت منتجاتهم سفيرًا لهم في بعض دول العالم التي تقدر أهمية وقيمة الفن اليدوي، ليست قرية المنزلة بمحافظة الفيوم مجرد قرية بها أبناء أتقنوا صناعة الفخار اليدوي لأجيال ، فهي من أقدم القرى بالمحافظة وبالطبع على مستوى مركز يوسف الصديق.
منحدرات في غاية الجمال
اللافت للنظر لهذه القرية النادرة من نوعها، وكون أنها توجد في باطن وادي يتسم بمنحدرات في غاية الجمال، يكسوها مسطح أخضر من زراعات والورود، وهو ما كان سببًا فى تسميتها بـ”وادي النزلة”، ما شجع عدد من مخرجي السينما المصرية، وفي مقدمتها هنري بركات وحسين كمال وغيرهم، لتصوير أبرز أفلام السينما المصرية على أرضها، فأخرج الأول “دعاء الكروان”، وأخرج الثاني “البوسطجي”.
ما أن تضع قدميك قرية النزلة حتي تري ميدانًا متكدسا من التحف الفنية اليديوية، تجاورها خلية نحل من العمال والحرفيين المهرة، ينتمون لمختلف الأجيال، تتفاوت أعمارهم ما بين شيوخ وشباب ومراهقين، كأنهم بذلك يقومون بتوريث حرفتهم جيل بعد جيل، يتمسكون بطريقتهم البدائية التي ورثوها عن أجدادهم المصريين القدماء، فتصنع أشكال فخارية متعددة، مثل “الأزيار والقلل والتنور، والزلعة والأباجورات”.
التحف الفخارية النادرة
وفي هذا الصدد قال مدحت الضو الخبير في التراث، أن أهل القرية يعتمدون في صناعتهم لهذه التحف الفخارية النادرة علي ما يجرفونه من طمي أسود لأرض واديهم ويقومون بإضافة بعض المواد الأخري. كالرماد وقش الأرز ونشارة الخشب. وبعد الإنتهاء من تشكيل الطمي يقومون بوضعه في أفران حارقة بدائية. تعتمد علي الخوص والحطب أُقيمت على حافة الوادى. وذلك ليعطي للقطعة صلابة ومتانة.
غزو العالم
وتابع الخبير في التراث، على مدار عقود وقرون كثيرة حولت قرية النزلة الطين إلى أنواع فنية، تم صناعتها من الطراز الأول، ليمنح التراث أشكال ذات بهجة، بصناعات فخارية جميلة تمكنت من غزو العالم، لتصبح هذه المنطقة الأشهر والأولى في صناعة الفخار، وأيضًا في التصدير للدول الأوروبية والعربية.
وأضاف الخبير في التراث، بمجرد أن يؤذن فجر يوم جديد، يستيقظ العاملين بالفخار بقرية النزلة كل يوم، حيث يتوزعون هنا وهناك بين تلك الورش البدائية، منهم من يخلط العجين من الطين، ومنهم من يشكله إلي قطعة فنية مختلفة، ومنهم من يتحمل لهيب الحريق داخل الأفران، ومنهم من هو قادر علي حمل تلك المنتجات لعرضها لكل من يرغب في اقتناء تحفهم الفنية.