تاريخ لعبة التحطيب في الصعيد .. عاركة تبدأ وتنتهي بابتسامة
أميرة جادو
يعتبر الرقص مرآة يعكس تاريخ وأصل في ثقافة صعيد مصر، فهو من الفلكلور الشعبي، وهو أيضًا من ثقافة الصعيد القديمة والمتوارثة عبر الأجيال، علاوة على ارتباط جذوره بالعادات والتقاليد، ويعد من الطقوس الرئيسية في التعبير عن الفرح والحزن، فإن كان الرقص سمة من سمات المجتمع الشرقي، فهو في الصعيد أحد طرق التعبير عن المهارة والشجاعة والقوة.
لعبة التحطيب.. أشهر رقصات الصعيد
وتنتشر العديد من الرقصات من أقصى الجنوب إلى الأسفل، وتتميز بأساليبها المختلفة، لكنهم جميعًا يشتركون في حب فطري للفن والتعبير الدقيق عن طبيعة المجتمع وأفكاره من خلال الحركة الجسدية.
رقصة التحطيب الصعيدي، هي الرقصة الأشهر والأوسع انتشارًا بمدن وقرى الصعيد، البعض يعتبرها لعبة أكثر من رقصة، ولكن مصاحبة الموسيقى لها، واستعراضات اللاعبين الجسدية، تمنحها لقب “رقصة” بامتياز، وهي من العادات التي تميز الصعيد في مصر، يرتدي الصعايدة الجلباب والعمامة وبابتسامة واسعة، يخطف القلوب بين أحضان لعبتهم ورقصتهم المفضلة، حين يتراقص كل منهم متفاخرًا بمهارته في لعبة التحطيب، حاملًا عصاه التي تقطع نسمات الهواء وتصطدم بأخرى لتكون نغما خاصة يكمل جمال عزف المزمار.
لعبة تقوم على ضربات وهمية، لاكتشاف سرعة الآخر في الضربة والرد، بحركات بالغة الدقة والروعة، تبرز من خلالها مهارات غاية في التميز والرقي.
تاريخ التحطيب
أما عن تاريخ وجذور التحطيب، فكانت لعبة للتباري والمنافسة بين أبناء العائلات، وتستند إلى فكرة الفروسية، وإظهار البطل الشعبي، فالبعض يرجح أنها مستخرجة من حروب الهلالية، وهي إحدى المهارات التي يتعلمها الشباب الصعيدي، وتؤدى في ما يشبه الحلقة، وأهم حلقات التحطيب مولد سيدي عبد الرحيم القنائي، والعارف بالله، وأبي العباس، وسيدي الحجاج، فهي من الرقصات الثنائية، أدواتها العصا، حيث يحمل كل طرف بعصاه، ويتجمع حولهم أبناء البلد في حلقة تحوطهما.
والجدير بالذكر، تبدأ الرقصة بالسلام، ثم يقول أحدهم “ساه” بمعنى ابدأ، ويقوم الاثنان باللف 3 أو 4 مرات في دائرة، وبعدها يبدأ الالتحام، وكل منهم يحمل في يده عصاه، التي يبلغ طولها من 160 إلى 180 سم، وتكون مصنوعة من الخيرزان، ويتخلل الرقصة الحركات الاستعراضية، التي يكون هدفها إمتاع المتابعين، وتصاحبها موسيقى الجنوب.