تاريخ ومزارات

باحثة في التاريخ توضح العلاقة بين الأحياء والأموات في مصر القديمة

أسماء صبحي

إن الذين يصفون الأمنتيت يقولون بأنه مكان للراحة والسلام. إلا أن الميت كان دائما يخشي اعتداء المارين العديدين. بل كان يخشي أيضاً عدم اكتراثهم به وهم الذين يغامرون بالانتقال بين أرجاء جبانة المدينة الواسعة في الغرب. كما كان يرتاب في الموظفين المنوط بهم صيانة الجبانة.

ويبدو أن الميت كان يهددهم بأشد العقوبات إذا لم يقوموا بأداء واجبهم بجد وإخلاص. مثل أنه “سوف يسلمهم إلى نار الملك في غضبه، وسوف يغرقون في البحار التي ستبتلع أجسادهم، ولن ينالهم شرف التكريم الذي يمنح لأفاضل الناس، ولن يسكب أحد عليهم المياة المقدسة من النهر الممتلئ بالماء ولن يتقلد أولادهم وظائفهم”.

أما إذا ما أحسنوا القيام على المنشأة الجنائزية فيقدم لهم كل ما هو خير. كما سوف يمن عليهم آمون رع بحياة طويلة مستقرة. ومن جانب آخر فقد كان يوجد أيضاً موتى اشرار، فبعضهم كان السبب فيه إلى حد كبير أبناءهم الذين اهملوا شأنهم وإن كان الكثيرين منهم يميلون بطبعهم إلى عمل الشر دون أدنى سبب أو مبرر.

حزن الأموات ومرض الأطفال 

تقول شروق السيد، الباحثة في التاريخ المصري القديم، إن المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن أغلب الأمراض التي كان يعانيها الأحياء تعزي إلى حزن الأموات الأشرار. حيث كانت الأم تخشي بأسهم على طفلها وتقول: “إذ كنت جئت لتعانق هذا الطفل فإني لا اسمح لك بأن تعانقه، أما إذا كنت قد جئت لتهدئة هذا الطفل فإني لا اسمح لك بأن تهدئة، وإذا كنت جئت لكي تمضي به فإني لا أسمح لك بأن تأخذه مني”.

وأضافت شروق، أنه في عهد الدولة الوسطى، كان الناس يكتبون للميت على الأواني التي كانت تحوي الطعام المعد له. وذلك ليكونوا أكثر اطمئنان إلى أن الرسالة سوف يطلع عليها. ومن أمثلة هذه الرسائل تبليغ أحد الأجداد بأن هناك مكيدة الغرض منها حرمان حفيده من حقه في الميراث. ويهم الميت أن يعترض على هذه المكائد، وعليه إذن أنه يستدعي أعضاء أسرته وأصدقاءه لمساندة من يراد سلب حقه.

وتابعت الباحثة في التاريخ المصري القديم: “يبدو أن المصريون كانوا يترددون كثيرا على مساكن الأبدية إنا بدافع الرهبة أو التقوى. فكان أهل الميت يصعدون إلى التل ويحضرون معهم بعض الأطعمة وقليلاً من الماء ليضعوها فوق مائدة القرابين بجوار اللوحة التذكارية. وبهذا يمكن القول إنه رغم ذلك كانت الجبانة موضوع تجمع الفضوليين الذين كانوا يمرون عليها ويقرأون دون اكتراث النقوش التي توجد عليها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى