عادات و تقاليد

بـ «الموسيقى والطبل».. عادات تشييع الجنائز عند المسلمون والمسيحيون في الصعيد

أميرة جادو

يرتبط الموت مع الحزن والأسى، ولكن الغريب أن يرتبط الحزن مع الموسيقى فقد تعتقد أنهما نقيضين اجتمعا في آن واحد، لكن على العكس، فالموت عند القدماء المصريين لم يحرم محبي المتوفى والباكين على فراقه من سماع ألحان الموسيقى أثناء حمل نعشه والسير في موكب جنازته، وهذا ما يحدث في نجع حمادي، فبعد أن تسمع «ولولة وعدودة» النساء، وبكاء الأحباب على الفراق، يخرج المتوفى من المنزل محمولا على النعش، يسير خلفه أقاربه ومحبوه، وتتقدمه إحدى الفرق الموسيقية عازفة للموسيقى الجنائزية.

لم تقتصر تشييع الجثامين بالموسيقى الجنائزية على الأقباط فقط، بل للمسلمين أيضًا خاصة في القرى، ويعرف هناك بـ«زمارة الحكومة»، والذي يوصي المتوفى سواء رجل أو سيدة قبل وفاته، بتشييع جثمانه بموسيقى، وغالبًا يكون المتوفى أو المتوفاة في هذه الحالة من الأعيان أو متوسطي الدخل.

بداية ظهور الموسيقى الجنائزية

ويلتزم أقباط المدينة، بتشييع جثامينهم بالموسيقى الجنائزية، والتي تتقدم جنازة المتوفى من منزله وتجوب شوارع المدينة، وصولًا إلى الكنيسة، وهنا تنتهي مهمتها، أما في القرى فربما تصل إلى المدافن أحيانًا.

ومن جهته، أوضح حنا حسيب، رئيس جمعية الشباب القبطي بنجع حمادي، بأن الجمعية أنشأها والده في 1957، وبدأ العمل في أنشطة الجمعية، التي كان من بينها ملجأ للأيتام، وقتها الملجأ كان في أشد الحاجة للإيرادات للإنفاق عليه، فبدأ في ابتكار أنشطة للحصول على ايرادات للجمعية، مثل مطبعة ومكتبة، ومن ضمن الأنشطة، نشاط الموسيقى، وكانت وقتها حاجة جديدة على أهالي نجع حمادي، وكانت وقتها موسيقى جنائزية وأيضًا موسيقى أفراح، ولكن كانت في الأغلب موسيقى جنائزية.

وتابع “حنا”: “كان مشروع الموسيقى الجنائزية رائدًا في 1958، ولكنها كانت تواجه عقبات من أهمها التعلم، وكان يُطلق عليها الموسيقى النحاسية، التي تختلف تمامًا عن الموسيقى الوترية، فالموسيقى النحاسية كانت تعتمد على النفخ، وكان أغلبها يستخدم في الموسيقى الحكومية، فقام والده بشراء أدوات الموسيقى النحاسية، واستعان بمتخصصين لتعليم الفرقة الموسيقية بالملجأ كيفية التعامل مع فن الموسيقى النحاسية، التي تستخدم في الجنائز والأفراح، وكانوا يأتون باستمرار”.

فن الموسيقى الجنائزية

وفيما يتعلق بتعلم فن الموسيقى الجنائزية، قال “حنا”، جرت العادة، إلى تشييع جثامين المتوفيين من الأقباط بالموسيقى الجنائزية، وأصبحت شيئًا أساسيًا في تشييع الجثامين، حيث أن الفرقة الموسيقية لها بروتوكول خاص، فعلى سبيل المثال لم يقتصر دورها فقط على تشييع الجثامين، بل هناك فترات وأعياد تستخدم فيها الموسيقى النحاسية، فمثلًا عقب عيد القيامة يعزفون لحن «فرايحي»، بمعنى أنه لا يوجد حزن بعد هذه الفترة، فكل فترة لها أوضاعها المعينة.

لكن الموسيقى النحاسية، بدأت تختفي، وإن ظلت باقية في نجع حمادي، وهي الموسيقى الوحيدة في الصعيد، حيث يعود شبح اختفائها إلى صعوبة التعليم، وارتفاع سعر الآلات الموسيقية، وبالرغم من ذلك فنكافح من أجل استمرار هذا الفن.

زمارة الحكومة.. روح للواجب

ويعتبر الأهالي أن فرقة الموسيقى الجنائزية تمثل «روح للواجب»، وتتقدم الجنازة من الأمام، وتتكون من 8 أفراد، وطبلة وآلات موسيقية، وتعطي «هيبة للواجب»، بدلا من أن تسير الجنازة في صمت، وفقًا لحسيب، الذي أكد أن هناك مسلمين أيضًا في القرى، يشيعون جثامين أقاربهم بهذه الموسيقى النحاسية، والتي تعرف في القرى بـ «زمارة الحكومة».

كما أشار قائد الفرقة النحاسية، جرجس ميخائيل، إلى إنهم يتقدمون في تشييع الجثامين ومعهم آلاتهم الموسيقية مثل «الطرومبيتا والطبلة والكاس وساكس و2 طرومبة»، ويتقدمون بـ«المارش الجنائزي» في تشييع الجثامين سواء الأقباط أو المسلمين، والأغلبية كانت في مدينة نجع حمادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى