بطرس غالي… أول من حصل على رتبة الباشوية من الاقباط … ننشر أبرز محطات في حياة الراحل
بطرس غالي… أول من حصل على رتبة الباشوية من الاقباط … ننشر أبرز محطات في حياة الراحل
ولد بطرس غالي ناروز في قرية قمن العروس بمحافظة بني سويف عام 1846، وكان والده يعمل موظفا في منصب إدارة أملاك وناظر الدائرة السنية لشقيق الخديو إسماعيل الأمير مصطفى باشا فاضل في الصعيد وفي تلك الفترة كانت الحركة الإصلاحية التي تبناها البابا كيرلس الرابع أبوالإصلاح قد بدأت تنطلق بالفعل فأنشأ من خلالها العديد من المدارس للأقباط علي اختلاف مذاهبهم وتباين مستوياتهم الاجتماعية وإمكاناتهم المادية وهي المدارس التي تخرج فيها صفوة المجتمع في مصر وقتها، فألحق والد بطرس غالي نجله في البداية بأحد الكتاتيب التي كانت سائدة في هذا العصر كغيره من المصريين ليتعلم فيها مبادئ القراءة والكتابة ويتقنها بمهارة بارعة في هذه السن المبكرة، ثم انتقل إلى المرحلة الابتدائية في مدرسة الأقباط الكبرى بحارة الساقيين في عابدين وبعد أن اجتاز هذه الفترة بنجاح انتقل في المرحلة الإعدادية إلي مدرسة الأقباط بمنطقة الأزبكية، وعقب حصوله على شهادة الإعدادية انتقل إلي مدرسة البرنس مصطفى فاضل الثانوية التي أسسها الأمير مصطفى فاضل لأبناء العائلة الخديوية وكبار العائلات في مصر في تلك الفترة حيث تعلم بها الكثير من اللغات الأجنبية، فأتقن اللغات الإنجليزية والإيطالية والتركية والفارسية والقبطية إلي جانب إتقانه للغة العربية، وكان بطرس غالى في هذه الفترة المبكرة من حياته يتمتع بذاكرة قوية، واتسم بميله الشديد إلي القراءة وسعة الاطلاع، فجمع في مكتبته الخاصة كافة العلوم المتقدمة من مختلف المجالات، الأمر الذي أهله فيما بعد لتولي مناصب وظيفية مرموقة في معظم الوزارات التي عاصرها بصورة لم يحظ بها أحد من قبل، وقد تنبأ له
ريفرز ديكسون المندوب الإنجليزي في صندوق الدين بمصر في هذا الوقت بأنه سوف يكون وزيرا للمالية ذائع الصيت، وذلك نظرا لتمرسه المتواصل في العمل بهذا المجال الحيوي والدقيق في ذات الوقت.
تنبؤات البابا كيرلس الرابع
كما تنبأ له البابا كيرلس الرابع من قبل وهو صغير السن لم يتجاوز المرحلة الابتدائية بعد، وذلك عندما رآه في المدرسة أثناء تفقده المعتاد لمعظم المدارس في تلك الفترة، و كان يقرأ الشعر ببلاغة بارعة ومختلفة إلي حد كبير عن الكثيرين من جيله الشباب.
مدح عمر لطفي رئيس مصلحة السكة الحديد
فبعد تخرج بطرس غالي من مراحله التعليمية كلها كتب قصيدة في مدح عمر لطفي رئيس مصلحة السكة الحديد التي كانت تعد من أهم المؤسسات والهيئات الحكومية الكبرى وقتئذ – لكي يفوز بمنصب وظيفي ومهني مرموق فيها، ثم عين بطرس غالي بعد هذا مدرسا بالمدرسة القبطية في القاهرة ثم استقال ليلتحق بمدرسة الألسن للغات التي أسسها رفاعة الطهطاوي وظل بها ثلاث سنوات، بعد ذلك أرسله والده في بعثة دراسية إلي أوربا من أجل استكمال مراحل التعليم العالي والالتحاق بالجامعات الأوربية وعقب عودته من أوربا وحصوله على دبلوم الترجمة أصبح مؤهلا للعمل كمترجم في مجلس التجارة في شعبة الضرائب في الإسكندرية، وكان ذلك في أوائل عام 1868 واستمر بهذه الوظيفة لمدة سبع سنوات حيث نقل سنة 1873 إلي نظارة الحقانية، وقام بوضع كتاب في المسائل المالية يعد من أهم وأشهر الكتب التي لايزال الكثير من الدارسين والباحثين في هذا التخصص الدقيق خاصة الطلبة يعتمدون عليها حتى الآن كمرجع أساسي وحاسم في الكثير من الأمور المالية.
مشاركته فى إعداد أول قانون لعمال وموظفي الدولة في مصر
اشترك أيضا بطرس غالي مع قدري باشا في إعداد أول قانون لعمال وموظفي الدولة في مصر، كما أسهم في وضع وإعداد الكثير من الشرائع والقوانين الخاصة بالمحاكم المصرية، التي لاتزال أيضا مرجعية أساسية لمعظم رجال الحكم والقضاء حتى يومنا هذا، معتمدا على أسس القانون الفرنسي، كما ساهم بطرس غالي في صدور القرار الخاص بإنشاء أول مجلس ملي للكنيسة القبطية المصرية وكان ذلك في عام 1874، وانتخب البابا كيرلس الخامس رئيسا لهذا المجلس، وقد منحت للمجلس صلاحية الرقابة والإشراف الكامل على كافة الأوقاف القبطية من مدارس وأملاك وأطيان ومطابع، وقام بطرس غالي كذلك في هذا الوقت بالاشتراك مع عدد من أعضاء المجلس الملي ومجموعة من كبار الأعيان الأقباط والمسلمين أيضا في جمع التبرعات المالية اللازمة لإنشاء بعض الجمعيات القبطية التي قامت بعمل العديد من المشروعات الاجتماعية والخيرية والعلمية، منها جمعية التوفيق القبطية حتى بلغ عدد هذه الجمعيات القبطية العاملة بالفعل في عهده حوالي 40 جمعية وكان بطرس غالي هو أول من حصل على رتبة الباشوية من الأقباط وذلك لما له من شأن سياسي ومكانة اجتماعية كبيرة ومرموقة، وذلك في عام 1882 بعد أن أنعم عليه الخديو توفيق بهذا اللقب .