عائلات مصرية

تاريخ عائلة أبو ستيت: إرث سياسي وإسهامات نيابية بارزة عبر العقود

أسماء صبحي

يمثل تاريخ عائلة أبو ستيت نموذجًا لارتباط النخبة السياسية والاجتماعية المصرية بمسيرة الوطن على مر العقود. وبرزت العائلة من مديرية جرجا، وكان أعضاؤها نوابًا وشيوخًا أثروا في تشكيل الحياة السياسية المصرية قبل وبعد ثورة 23 يوليو 1952.

ونستعرض في هذا التقرير تاريخ العائلة ودورها في المجالس النيابية. بدءًا من دستور 1923 وحتى العقود الأخيرة. مع التركيز على إسهامات أفرادها في مجالات التشريع، الدفاع عن حقوق المزارعين، ودعم قضايا التنمية الوطنية.

تاريخ عائلة أبو ستيت النيابي

بعد حل الجمعية التشريعية وصدور دستور 1923. جرت انتخابات مجلس النواب لأول مرة في تاريخ مصر الحديثة، والتي شهدت انتخاب 214 عضوًا. وكانت مديرية جرجا، التي تعد إحدى أبرز المديريات في صعيد مصر، ممثلةً بعدد 14 نائبًا.

ومن بين هؤلاء النواب، كانت عائلة أبو ستيت حاضرة بقوة. حيث مثلت في الهيئة النيابية الأولى من خلال أحمد بك علي حميد أبو ستيت، الذي تم انتخابه عن دائرة برديس. ومحمد كامل أبو ستيت الذي انتخب عن دائرة البلينا في يناير 1924. وجاء هذا التمثيل الواسع نتيجة لثقل العائلة السياسي والاجتماعي، حيث كانت تعد من كبار الأعيان في المنطقة.

مع بداية الهيئة النيابية الثانية، التي استمرت لفترة قصيرة في مارس 1925. لم تمثل عائلة أبو ستيت فيها، إذ فاز الشيخ أحمد مصطفى إسماعيل أبو رحاب عن دائرة جرجا. بينما فاز محمد عبد المجيد الشوادي عن دائرة برديس.

لكن، لم يدم المجلس طويلاً، حيث تم حله بعد يوم واحد من انعقاده بسبب الخلافات السياسية في ذلك الوقت. والتي تصاعدت بعد انتخاب سعد زغلول باشا رئيسًا للمجلس.

وفي الهيئة النيابية الثالثة التي بدأت في يونيو 1926 واستمرت حتى يونيو 1928. عادت عائلة أبو ستيت إلى الظهور مجددًا، حيث فاز أحمد علي أبو ستيت عن دائرة برديس. بينما فاز محمد كامل أبو ستيت عن دائرة البلينا. إلا أن محمد كامل استقال من المجلس في يناير 1927 بعد تعيينه في وظيفة حكومية. ليخلفه محمد فؤاد أبو ستيت، الذي تم انتخابه بشكل تكميلي في فبراير من نفس العام. في تلك الفترة.

إسهامات هامة

كان للنائب محمد فؤاد أبو ستيت العديد من الإسهامات الهامة في البرلمان. حيث طرح أسئلة تتعلق بالاقتصاد المحلي، مثل استفساره عن أسعار المياه التي تتقاضاها شركة ري البلينا من الأهالي. مما يظهر اهتمامه بقضايا الفلاحين والمزارعين في المنطقة.

وبينما كانت عائلة أبو ستيت تشارك في الانتخابات التشريعية عبر مختلف الهيئات. تعرضت تمثيلها في الهيئة النيابية الرابعة إلى تراجع بسبب حل المجلس في يوليو 1930 بعد فترة قصيرة من انعقاده. وفي هذه الفترة، كان محمد فؤاد أبو ستيت قد قدم عددًا من المطالب الاقتصادية المهمة مثل مطالبته بتخفيض الرسوم الجمركية على السلع الزراعية. ما يدل على استمراره في الدفاع عن مصالح المزارعين.

وعادت العائلة للتمثيل مجددًا في الهيئة النيابية الخامسة التي بدأت في يونيو 1931. إلا أنه في هذه الهيئة لم تمثل العائلة بشكل مباشر بل تم انتخاب أعضاء آخرين عن دوائر جرجا. مثل محمد عبد المجيد الشوادي عن دائرة برديس وحسن محمد أحمد حسين عن دائرة البلينا. وكان هذا التغير في تمثيل العائلة علامة على التحولات السياسية والاقتصادية التي شهدتها مصر في تلك الفترة.

في الهيئة النيابية السادسة التي انعقدت في مايو 1936. تم تمثيل العائلة بنائب واحد فقط هو محمد فؤاد أبو ستيت عن دائرة البلينا. بينما فاز محمد عبد المجيد الشوادي عن دائرة برديس. ويعكس هذا التراجع النسبي في تمثيل العائلة التحديات التي واجهتها القوى السياسية المحلية في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها مصر في تلك المرحلة.

أما في الهيئة النيابية السابعة، التي بدأت في 1938 واستمرت حتى 1939. فقد شهدت عودة قوية لعائلة أبو ستيت حيث فاز كل من أحمد علي أبو ستيت ومحمد فؤاد أبو ستيت في انتخابات مارس 1938. وقد استمر النواب من العائلة في طرح القضايا الهامة التي تخص الفلاحين. مثل دعم المحاصيل الزراعية وتحسين أحوال الزراعة في المناطق الريفية.

موقف العائلة بعد ثورة يوليو

بعد ثورة يوليو 1952، وعلى الرغم من انتماءات غالبية نواب عائلة أبو ستيت السابقة إلى حزب الوفد وتاريخها الإقطاعي. فقد حرص قادة الثورة على التواصل معهم. ففي عام 1957، تم انتخاب العمدة صادق أحمد حميد أبو ستيت لعضوية مجلس الأمة. تلاه شقيقه لبيب أحمد حميد أبو ستيت في نفس المجلس.

وعلى الرغم من التحولات السياسية الكبيرة التي مرت بها مصر بعد الثورة. حافظت العائلة على دورها في الحياة السياسية. حيث شاركت في مختلف البرلمانات المصرية، بما في ذلك مجلس الشعب ومجلس الشورى.

وفي برلمان 1962، تم انتخاب العمدة فايز عبد الرحيم حميد أبو ستيت لعضوية مجلس الأمة. بينما شهدت الفترة التالية تعزيزًا لتمثيل العائلة في الحياة السياسية عبر مختلف الانتخابات البرلمانية. وعلى الرغم من أن العائلة كانت تتسم بتاريخها الإقطاعي، فإنها سعت إلى التأثير في السياسة عبر المطالبة بتغيير السياسات الزراعية وتحقيق العدالة الاجتماعية للمزارعين والفلاحين. وهو ما تواصل مع مواقف النواب من هذه العائلة في مجالات عديدة مثل التعليم، الزراعة، وحقوق العمال.

وبهذا، تعكس رحلة التمثيل النيابي لعائلة أبو ستيت من بداية القرن العشرين إلى فترة ما بعد ثورة يوليو 1952 تطورًا مستمرًا في مشاركتها السياسية، رغم التحديات والتغيرات التي مرت بها مصر. ورغم مرور الوقت، فإن عائلة أبو ستيت تظل نموذجًا للوجود السياسي الفاعل في المشهد التشريعي المصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى