مسيرة بطولة الرقيب أول مراد سيد عبد الحافظ.. أحد شهداء سلاح المظلات
أسماء صبحي
حصل الرقيب أول مراد سيد عبد الحافظ، على دورات عسكرية كثيرة في المظلات والصاعقة والمهندسين العسكريين. وغيرها من الدورات العسكرية العامة الأخرى مثل دورات المشاة والأسلحة الخفيفة. كماشارك في حرب يونيو سنة 1967 ضمن الكتيبة 81 مظلات بمنطقة شرم الشيخ.
كان لقوات المظلات والصاعقة الدور الكبير في التمهيد للعبور. ثم كان دورها الأعظم في القتال بثغرة الدفرسوار. وكان للشهيد مراد دور عظيم في قتال القوات الإسرائيلية بالثغرة.
بطولات الشهيد مراد سيد عبد الحافظ
عندما تمكنت القوات الإسرائيلية من عبور القناة إلى الغرب من نقطة الدفرسوار. حاولت تطويق الجيشين الثاني والثالث الميداني. فقامت القوات المسلحة المصرية بتكليف قوات الصاعقة والمظلات بمهمة الاستيلاء على مصاطب الدبابات في الضفة الغربية قبل استيلاء الإسرائيليين عليها. فتم تكليف قوات الصاعقة والمظلات باحتلال المصاطب رقم 5,4,3، وتأمين باقي المصاطب. وكانت هذه المصاطب الثلاث قد استولت عليها القوات الإسرائيلية.
كانت المصاطب محاطة بالألغام التي رصتها القوات المصرية وتمكنت القوات الإسرائيلية من بعثرة بعض الألغم حولها. وتحركت السرية حتى وصلت إلي منطقة عملها. وكان الرقيب أول الشهيد مراد مدرباً على أعمال المهندسين العسكريين. فقام بفتح الثغرات فيها بالإمكانيات المحلية وقد أمن بذلك عبور أفراد السرية عبر حقول الألغام.
كان يمر على أفراد وحدته يحثهم على القتال قائلاً: “هذه هي اللحظة التي نثبت فيها للعالم كفاءة الجندي المصري وضراوته وشراسته في القتال. هيا يا رجال المظلات”.
احتل مع بعض الأفراد موقعاً في مصطبة الدبابات رقم 4. واشتبكوا مع العناصر الإسرائيلية التي تحتل المصاطب الأخرى حتى قاموا بتطهيرها وتأتمنيها. كما قامت باقي السرية باحتلال المصاطب الأخرى 5,3 وبهذا تمكنت السرية من تحقيق مهمتها بنجاح.
فشل القوات الإسرائيلية
على الضفة الشرقية رأى “الشهيد” عدداً من صناديق الصواريخ الفردية المضادة للطائرات طراز سام07. وهي الصواريخ التي أسقطت عدداً كبيرا ً من الطائرات الإسرائيلية التي تطير على ارتفاعات منخفضة. وكانت ذات كفاءة عالية أثرت على مجريات الأحداث. وقد حاولت مجموعات صغيرة من القوات الإسرائيلية في الضفة الشرقية المواجهة لمصاطب الدبابات الاستيلاء على هذه الصناديق. ولكنه تمكن من إحباط نواياها واستعان بأحد القوارب الراسية على الضفة الغربية. وصمم على ضرورة إحضار هذه الصناديق مهما كان تأثير القصف الجوي والمدفعي شديداً عليه.
قام بإحضار هذه الصناديق بمعونة بعض الأفراد. وتحت ستر نيران باقي أفراد السرية. وكان “الشهيد” رحمه الله سباقاً في إخلاء الجرحى والمصابين وإمداد سريته بالذخيرة على المصاطب المختلفة رغم بعد المسافة بين المصاطب بعضها عن بعض. بلغت في بعض الأحيان كيلو مترا ً.
حاولت القوات الإسرائيلية تطويق هذه السرية والقضاء عليها. وصدرت الأوامر إلي السرية لتعديل أوضاعها والارتداد إلى أحد المواقع المناسبة في منطقة طوسون. ليقوم الشهيد بالاتصال بمواقع الفصائل والجماعات ليبلغ الأوامر والسيطرة على عناصر السرية. حيث كان الاتصال اللاسلكي مقطوعاً بين مواقع الفصائل والجماعات وقيادة السرية.
استشهاد الرقيب مراد سيد عبد الحافظ
طلب أن يقود جماعة ستر الارتداد للسرية. وبعد تمام الارتداد للكتيبة إلي منطقة طوسون نصب كميناً لقوة فصيلة دبابات إسرائيلية مدعمة (4دبابات ومعها 2عربة نصف مجنزرة). ثم قام بالسيطرة على قوة الكمين ولم يكن معهم سوى قاذف RBG 7 – واحد مضاد للدبابات. ولكنه لمح قاذف RBG 7- آخر ملقى على الأرض بجوار جثمان أحد الشهداء. فتناوله وانتخب موقعًا مناسباً لضرب الدبابات الإسرائيلية المقتربة. وحبس النيران ليحقق المفاجأة للدبابات الإسرائيلية، وأطلق مقذوفًا أصاب الدبابة القائدة للدورية. ودمر الدبابة القائدة وقتل قائد دوريه القتال الإسرائيلية. ثم هربت باقي الدبابات وأخذت تطلق نيرانها في كل اتجاه أشتاتاً مؤثرة على الموقع. ولكن الرقيب أول مراد لم يصب بأي من هذه الطلقات.
وعند عودته إلى باقي أفراد السرية أصابته طلقة غادرة من إحدى الدبابات، فلقي الشهادة مبتسماً فرحاً بما حققه لوحدته. فقد أمن طريق ارتدادها إلى منطقة طوسون وأحبط محاولات القوات الإسرائيلية لحصارها ونصب الكمائن في طريق ارتدادها.
كان ذلك الساعة 17من يوم 20 أكتوبر 1973 حيث دفن في هذه البقعة الطاهرة. واتخذت الوحدة مواقعها الجديدة في منطقة طوسون تاركة على أرضها الطاهرة دماء البطل الشهيد الذي ضرب أروع الأمثلة في البطولة والفداء.
نقل رفات البطل بعد ذلك إلى مقابر الشهداء في الإسماعيلية في موكب مهيب.
المصدر: الكتيب الصادر من هيئة البحوث العسكرية في سلسلة التاريخ العسكرى بعنوان “فارس الحصان الأبيض”