تاريخ ومزارات

مدينة قوم عاد التي لم يُخلق مثلها.. أين تقع إرم ذات العماد؟

أميرة جادو

تعددت الروايات والقصص التاريخية والدينية التي تحدثت عن موقع مدينة إرم ذات العماد، واتفقت بعض الآراء على أنها من المدن المفقودة، والبعض انكر وجودها مؤكدين  أنها مدينة خيالية، ولكن أغلب الأبحاث ترجح أنها مدينة تقع في اليمن، بين مدينتي حضرموت والعاصمة صنعاء وتسمى بمنطقة الأحقاف في صحراء الربع الخالي.

وذلك كما جاء في قوله تعالى: (وَاذْكرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَه بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النّذر)، وكانوا يسكنون الخيام المصنوعة من الشعر ذات الأعمدة الضخمة، فجاء ذكرهم في القرآن الكريم، وقال تعالى: (إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يخْلَقْ مِثْلهَا فِي الْبِلَادِ). واختلف المفسرون في تفسير معنى كلمة إرم فهو اسم لجد قوم عاد بن عوض بن إرم بن سام بن النبي نوح عليه السلام.

قصة بناء إرم ذات العماد

بناها شداد بن عاد قائد قوم عاد، ويعود أصولهم الي  عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وقد منحهم الله تعالى طولًا في القامة وقوة بدنية كبيرة، مما أتاحت لهم القدرة على بناء حضارةٍ ومدينةٍ رائعةٍ لا مثيل لها، وعرف شداد بالبطش والعنف وكثر الغزوات على الممالك التي حوله، علاوة على شهرته بثقافته وحرصه على قراءة الكتب التاريخية والدينية القديمة والنادرة الوجود.

وفي ذلك الوقت أعجب شداد بمصطلح الجنة كثيراً حتى إنه عندما سمع عن جنة الله للمتقين وما فيها من قصور مصنوعة من الذهب والفضة تجري من تحتها الأنهار، أراد أن يبني مدينة لها ذات  الصفات على الأرض، لتكون الجنه التي يحلم بها وخصّص لهذه المهمّة قرابة عشرة آلاف رجل  كما عين مائة رجل يشرف كل منهم على ألف من العمال من مختلف أنحاء البلاد، وأمدهم بالأموال وبطريقة البناء، بعد أن جمع كل ما يتوفر من الذهب والفضة، والياقوت، والعنبر وسعى الى استخراج الجواهر من البحار، وتم نحت ارم في الجبال حيث اقيمت أعمدة بطول جبالهم وبنوا فيها  القصور والقلاع والمصانع التي  المنحوتة في الأحجار.

اتموا الرجال بناء المدينة فقاموا بطلائها بالذهب. علاوة على تزيين الجدران بالجواهر الثمينة، وحفروا تحتها نبعاً للماء العذب، وجعل فيها ثلاثمئة ألفٍ من القصور. وأحاطوها بأسوار من المرجان والياقوت واللآلئ، وجعلوا من تحت المدينة وادياً يسري وأجرى منه سككاً وشوارع، كما أنشاؤا شجراً على حفاف الوادي وجعلوا ثمارها من الجواهر الثمينة.

أما عن تصميم قصر شداد الخاص به فأنشأه في وسط المدينة، وجعله مرتفعاً ومطلاً على جميع القصور.

والجدير بالإشارة، قد استغرق بناء هذه المدينة لأعوام كثيرة يقال في بعض الروايات أنها خمسون عاماً ويقال أنها مائة عام. ويقال أنها خمسمائة عام وأن أحفاد شداد بن عاد قد أكملوا بناءها.

عذاب قوم عاد

أرسل الله سبحانه وتعالي سيدنا هود عليه السلام ليدعو قوم إرم للإيمان بالله وترك عبادة الأصنام. فرفضه قوم عاد وازداد موقفهم كفراً وعناداً، وأصروا  على عصيان الله والتفاخر بجنتهم  فسلّط الله تعالى عليهم العذاب والرجفة  فأبادهم الله جميعًا والجنة التي بناها شداد بن عاد.. قال تعالى: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنذِيقَهمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدنْيَا وَلَعَذَاب الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهمْ لَا ينصَرونَ).

اكتشاف مدينة إرم ذات العماد

والجدير بالذكر، في عام 1990 للميلاد تمّ اكتشاف آثار لمدينة قديمة تدعى أوبار بعد رحلات عديدة وصعبة وشاقة من الاكتشافات والحفريات، وقد توصل العلماء لمعلومات مفادها أنّ هذه المدينة هي مدينة إرم القديمة مدينة قوم عاد وقوم النبي هود. حيث تمّ اكتشاف عمدان طويلة، ونظام ريّ، وسقاية متطور جداً في المدينة أي كما ذكر في القرآن الكريم من صفات للمدينة، وقد تمّ الكشف على أنّ المكان كان خصباً وجميلاً ومثمراً لكنه تحوّل لصحراء قاحلة مليئة بالكثبان الرملية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى