حوارات و تقارير
العدوان الإسرائيلي يشعل المنطقة ويقتحم الأقصى ويغلق المسجد الإبراهيمي
دعاء رحيل
اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المسجد الأقصى أمس الاثنين، كما أغلقت المسجد الإبراهيمي في الخليل أمام المسلمين، بينما قرر الأردن استدعاء القائم بأعمال السفير الإسرائيلي للمطالبة بالوقف الفوري للتصعيد في القدس.
وقال مراسلين دوليين في القدس نجوان سمري، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي انسحبت من باحات المسجد الأقصى وأعادت فتح المسجد القبلي.
وصباح أمس الاثنين، اقتحم مستوطنون متطرفون ساحات المسجد الأقصى، في حراسة مشددة من شرطة الاحتلال، واندلعت مواجهات في المسجد الأقصى بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال التي أجبرت الفلسطينيين على إخلاء المسجد، تمهيدا لاقتحام المستوطنين عبر مجموعات تضم الواحدة منها نحو 40 مستوطنا.
واحتج على الاقتحام العشرات من المصلين المسلمين الموجودين داخل المصلى القبلي المسقوف، وذلك عبر ترديد هتاف “الله أكبر ولله الحمد، بالروح بالدم نفديك يا أقصى”.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس في تصريح مكتوب إن عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى اليوم الاثنين بلغ 561 مستوطنا.
وفي السياق، شارك آلاف من اليهود المتشددين في صلاة “بركة الكهنة” في ساحة حائط البراق.
وجرى ذلك وسط إجراءات أمنية مشددة من قبل سلطات الاحتلال التي نشرت تعزيزات في محيط المنطقة بالكامل، وأيضا على مداخل البلدة القديمة من القدس المحتلة، وتحديدا باب المغاربة الذي يقود إلى هذه المنطقة. وتعتبر هذه الصلاة إحدى صلاتي عيد الفصح اليهودي، وتقام الثانية بعد غد الأربعاء.
وكانت قوات الاحتلال قد انسحبت أمس الأحد من باحات المسجد الأقصى الداخلية بعد ساعات من محاصرة الفلسطينيين فيه، وذلك لتأمين اقتحام مئات المستوطنين ساحات المسجد.
وعمدت قوات الاحتلال إلى محاصرة مئات المصلين داخل المسجدين القبلي وقبة الصخرة.
ويقتحم المستوطنون ساحات المسجد تحت حراسة شرطة الاحتلال طوال أيام الأسبوع إلا الجمعة والسبت.
ويكتسب اقتحام المستوطنين، خلال الأسبوع الجاري، حساسية خاصة، نظرا لتزامنه مع ما يسميه اليهود “عيد الفصح” الذي بدأ مساء الجمعة الماضي، ويستمر حتى الخميس.
هذا وقد دعت جماعات استيطانية إلى تكثيف الاقتحامات خلال فترة عيد الفصح.
إغلاق المسجد الإبراهيمي
وفي الخليل، أغلقت قوات الاحتلال المسجد الإبراهيمي أمام المصلين، وفتحته أمام المستوطنين.
وقال مدير المسجد الإبراهيمي غسان الرجبي إن “السلطات الإسرائيلية أبلغت مديرية أوقاف الخليل بإغلاق المسجد الإبراهيمي أمام المسلمين يومي الاثنين والثلاثاء، وفتحه أمام المستوطنين احتفالا بعيد الفصح اليهودي”.
وأضاف الرجبي أن إسرائيل تنوي فتح المسجد بكافة أروقته أمام المستوطنين اليهود لأداء طقوسهم الدينية.
وندد بالممارسات الإسرائيلية في المسجد الإبراهيمي، قائلا إن المسجد وقف إسلامي خالص، ولا حق لليهود فيه.
ومنذ عام 1994 يُقسّم المسجد الإبراهيمي، بمدينة الخليل، الذي يُعتقد أنه بُني على ضريح النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، إلى قسمين، الأول خاص بالمسلمين، والآخر باليهود، إثر قيام مستوطن يهودي بقتل 29 مسلما أثناء تأديتهم صلاة الفجر يوم 25 فبراير من العام ذاته.
وتسمح إسرائيل للمصلين المسلمين بدخول الجزء الخاص بهم في الحرم طوال أيام السنة، في حين تسمح لهم بدخول الجزء الخاص باليهود في 10 أيام فقط في السنة، وذلك خلال الأعياد الإسلامية وأيام الجمعة وليلة القدر من شهر رمضان، وتسمح لليهود بدخول القسم المخصص لهم طوال أيام السنة، وبدخول المسجد كله خلال بعض الأعياد اليهودية.
ويقع المسجد الإبراهيمي في البلدة القديمة من مدينة الخليل التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، ويسكن بها نحو 400 مستوطن، يحرسهم نحو 1500 جندي إسرائيلي.
استدعاء السفير
وفي الأردن، قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي اليوم الاثنين إن الأردن استدعى السفير الإسرائيلي ولم يكن موجودا في عمّان، وسيتم اليوم استدعاء القائم بأعمال السفارة “لإيصال رسالة المملكة الصارمة الواضحة والتي ندين فيها الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك”.
وأضاف، خلال جلسة نقاشية في مجلس النواب، أن الأردن كثف جهوده المستمرة بالاتصال مع جميع الأطراف الدولية وبتنسيق يومي مع الفلسطينيين.
وأكد الصفدي أن حماية الحرم القدسي وهويته أولوية أردنية، مشددا على أن بلاده ستواصل التصدي للإجراءات والاعتداءات الإسرائيلية داخل المسجد الأقصى.
كما وافق البرلمان الأردني على رفع مذكرة إلى الحكومة تتضمن المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي لدى المملكة، ردا على الاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى.
من جانبه، دعا مستشار الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس أحمد الرويضي إلى التحرك لوقف إجراءات الاحتلال الإسرائيلي في القدس.
وقال الرويضي سابقا، إن مسألة تقسيم المسجد الأقصى زمنيا ومكانيا أصبحت أمرا واقعا بالنسبة للاحتلال.
مواجهات في الضفة
وفي الضفة الغربية، أُصيب 9 فلسطينيين بجراح. بينهم إصابتان وصفتا بالخطيرة صباح أمس الاثنين، خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي بلدات فلسطينية. كما اعتقلت قوات الاحتلال 15 فلسطينيا من مدن الضفة الليلة الماضية وفجر اليوم الاثنين.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أمس. أن الاعتقالات شملت 9 من بيت لحم، و4 من رام الله. ومعتكفا من باحات المسجد الأقصى، وأسيرا محررا جنوب طوباس.
ووقعت الإصابات التسع في بلدتي اليامون وكفر دان، قرب جنين (شمال)، وقراوة بني زيد بمحافظة رام الله (وسط).
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان وصل إلى وكالة الأناضول، إن طواقمها تعاملت مع 6 إصابات خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي بلدتي اليامون وكفر دان بمحافظة جنين.
وبيّنت أن من بين الإصابات 4 بالرصاص الحي، وإصابة بقنبلة غاز بشكل مباشر، وأخرى بشظايا الرصاص.
من جانبها، وصفت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان سابق، إصابة اثنين من الجرحى في شمال الضفة بالخطيرة.
وقال شهود عيان لوكالة الأناضول إن قوة إسرائيلية اقتحمت بلدة اليامون، وداهمت عددا من منازلها، مما أدى لاندلاع مواجهات مع عشرات الفلسطينيين، استخدم خلالها الجيش الرصاص الحي والمعدني وقنابل الغاز المدمع.
وفي محافظة رام الله، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، أن 3 مواطنين أصيبوا بالرصاص الحي في الفخذ، خلال مواجهات اندلعت في بلدة قراوة بني زيد.
وأوضحت الوكالة الرسمية، أن جميع الإصابات نُقلت للمستشفى لتلقي العلاج.
ويطلق الجيش الإسرائيلي، منذ نحو أسبوعين، حملات اعتقالات وتفتيش واسعة في الضفة الغربية، يعقبها اندلاع اشتباكات مع الفلسطينيين.
العدوان يشعل المنطقة
من جهتها، حمّلت الرئاسة الفلسطينية – أول أمس- الحكومة الإسرائيلية المسؤولية كاملة عن التصعيد في المسجد الأقصى، وطالبت الإدارة الأميركية بالخروج عن صمتها “ووقف هذا العدوان الذي سيشعل المنطقة بأسرها”.
ودعت الخارجية الفلسطينية الإدارة الأميركية إلى الخروج عن صمتها، والتدخل لوقف التصعيد الإسرائيلي.
وفي اتصال بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكد الأخير أن بلاده ستجري اتصالات مع الأطراف المعنية، وفق ما نقلت وكالة “وفا”.
وفي تغريدة له عبر حسابه الرسمي، دان أردوغان “بشدة” التدخل الإسرائيلي في الصلاة في المسجد الأقصى، وقال إن تركيا “في صف فلسطين دائما”.
تحذيرات فصائل المقاومة
وفي ردود الفعل الصادرة عن فصائل المقاومة الفلسطينية، حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من تداعيات السماح للمستوطنين باقتحام وتدنيس باحات الأقصى، مشيرة إلى أن الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى تدفع الأوضاع نحو الانفجار الشامل.
من جهته، قال الناطق باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) حسين حمايل إن ما حدث بالمسجد الأقصى، أول أمس الأحد ينم عن العقلية المتطرفة للحكومة الإسرائيلية.
وشدد في وقت سابق على أن حركة فتح وبقية الفصائل الفلسطينية ستتصدى للاعتداءات الإسرائيلية بكل الإمكانيات المتاحة، في ظل الصمت الدولي ومحاولة إسرائيل جرّ المنطقة إلى حرب دينية، وفق تعبيره.
تصعيد داخلي وتأهب أمني
وعلى وقع هذا التصعيد والمواقف، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الجيش قرر تعزيز نشر منظومات القبة الحديدية في الجنوب خشية إطلاق صواريخ من غزة.
وفي الداخل الإسرائيلي، أعلنت القائمة العربية الموحدة، أول أمس الأحد تعليق مشاركتها في الحكومة الائتلافية التي يرأسها نفتالي بينيت، بسبب أعمال العنف في المسجد الأقصى ومحيطه في القدس.
وجاء في بيان للقائمة “إذا استمرّت الحكومة في خطواتها التعسّفيّة بحق القدس وأهلها فإنّنا سنقدّم استقالة جماعيّة”.
وكانت الحكومة قد خسرت أغلبيتها الضعيفة بالكنيست (البرلمان) هذا الشهر نتيجة استقالة نائبة. ويجمع الائتلاف الحاكم مزيجا متباينا أيديولوجيا من أحزاب يسارية وقومية يهودية متشددة وأحزاب دينية، بالإضافة إلى القائمة العربية الموحدة.