حوارات و تقارير

بعد غزو أوكرانيا.. كيف سترد روسيا على العقوبات الغربية؟

أسماء صبحي
في ظل استمرار تقدم المباجثات النووية بين القوى الكبرى وإيران، أصبح مستقبل المفاوضات على المحك بعد أن ربطت روسيا بين التوصل لاتفاق مع طهران والعقوبات التي فرضها الغرب عليها ردًا على غزوها أوكرانيا.
 
بعد مرور حوالي 11 شهرًا على المفاوضات الماراثونية بين القوى الكبرى وإيران لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذى أسفر في حينه عن رفع العقوبات الغربية التي فرضت على طهران مقابل وضع قيود على برنامجها النووي المثير للجدل، أصبح مسار المفاوضات في فيينا معقدًا إثر تقديم روسيا طلبًا في اللحظة الأخيرة تدعو فيه الولايات المتحدة إلى تقديم “ضمانات مكتوبة” بأن العقوبات الغربية التي فرضت على موسكو بعد غزوها أوكرانيا لن تضرّ بالتعاون بين موسكو وطهران بموجب الاتفاق النووي الذي يُعرف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”.
 

مطالب روسية

وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن بلاده تريد “ضمانات مكتوبة” بأن العقوبات لن تؤثر “على حقها في التعاون الحر والكامل التجاري والاقتصادي والاستثماري والتقني العسكري مع إيران”.
 
ولم تقف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي إزاء الطلب الروسي حيث جاء الرفض الأمريكي سريعاً، بنفي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وجود “رابط” بين العقوبات ودور روسيا في إطار إحياء الاتفاق النووي، وقال الوزير الأمريكي إن المطالب الروسية “خارج السياق”، مضيفًا أن “من مصلحة روسيا أن تكون إيران غير قادرة على امتلاك سلاح نووي، وسوف يبقى ذلك ساريا بغض النظر عن علاقتنا بروسيا منذ غزوها لأوكرانيا”.
 
وم جهتها، أعلنت إيران أنها تنتظر الاطلاع على “تفاصيل” الطلب الروسي، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده “سمعنا ورأينا تصريحات السيد لافروف عبر وسائل الإعلام وننتظر التفاصيل عبر القنوات الدبلوماسية”.
 

تحذير الدول الأوروبية

في المقابل، حذرت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهي الدول التي لا تزال منضوية في الاتفاق النووي بالإضافة إلى روسيا والصين، موسكو من مغبة أي محاولة لإفساد الاتفاق الذي اقتربت الولايات المتحدة وإيران من التوصل إليه خاصة بعد أن بلغت المباحثات غير المباشرة بين البلدين مرحلة متقدمة.
 
وقال مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان مشترك، إن “نافذة الفرصة ستغلق، لذا ندعو كافة الأطراف إلى اتخاذ القرارات اللازمة لإنجاز الاتفاق في الوقت الحالي. وفي هذا الصدد، ندعو روسيا إلى عدم إضافة شروط غريبة”.
 

ورقة مساومة روسية

ومن جهته، قال حميد رضا عزيزي، الخبير في الشأن الإيراني بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية “SWP”، إن هناك مخاوف من أن تلقي الأزمة في أوكرانيا بظلالها على المفاوضات النووية مع إيران.
 
وأضاف: “منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، أثيرت مخاوف من أن التطورات الجديدة خاصة التصادم بين روسيا والدول الغربية سوف تؤثر سلبا على مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني”، متابعًا: “جوهر هذه المخاوف، هو أن روسيا قد تسعى إلى استخدام مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة كورقة مساومة في إطار التوصل إلى اتفاق مع الغرب بشأن أوكرانيا”.
 
وأوضح الباحث أن روسيا “تتعرض في الوقت الحالي لضغوط دولية متنامية وغير مسبوقة بشأن مغامرتها في أوكرانيا”، مرجحا أن يكون الطلب الروسي للحصول على ضمانات من أمريكا مجرد “مناورة سياسية لتذكير واشنطن والعواصم الأوروبية بأنها ما زالت بحاجة إلى التعاون مع موسكو لحل بعض القضايا العالقة”.
 
كما تابع عزيزي: “في إطار هذا السيناريو، قد تقدم موسكو على المناورة لبعض الوقت ما يؤخر التوصل إلى اتفاق نووي نهائي مع إيران. لكن في نهاية المطاف ستدرك أن تحقيق مصالحها الخاصة بمنع انتشار الأسلحة النووية سيدفعها إلى المساهمة في وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي”.
 

خيار إيران الوحيد

أما بالنسبة لروسيا، فقد أضرت حزمة العقوبات الغربية القاسية بالاقتصاد الروسي، لكنها أدت في الوقت نفسه إلى ارتفاع أسعار المواد الخامة لا سيما النفط والغاز وأيضا أسعار القمح على مستوى العالم، وفي حال نجاح المفاوضات مع إيران في إحياء الاتفاق النووي، فإن هذا سيمكن طهران من تصدير المزيد من النفط والاستفادة بشكل كبير من ارتفاع الأسعار خاصة وأن النفط يعد شريان الحياة الاقتصادية في إيران.
وفيما يتعلق بالمستوى الرسمي، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عقب اتصال هاتفي مع نظيره الروسي على أن طهران “تريد إبرام اتفاق جيد ولن تسمح لأي عامل خارجي بالتأثير على مصالحها خلال محادثات فيينا”، ومن دون أن يخوض في تفاصيل مباحثاته مع سيرغي لافروف.
 
بدوره، يؤكد عزيزي على أنه في حالة تزايد شعور روسيا باليأس حيال الوضع في أوكرانيا، فإن هذا سيقلل احتمالية أن تذعن موسكو لطلب إيران بعدم الربط بين المفاوضات النووية والأزمة الأوكرانية.
 
وفي هذا السياق، يرى عزيزي أن “الخيار الوحيد القابل للتطبيق أمام إيران يتمثل في عقد محادثات ثنائية مع الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي لا تزال ترفضه طهران حتى الآ،. وفي نهاية الأمر يجب الإشارة إلى أن إيران تتفاوض على رفع العقوبات الأمريكية”، ويختم عزيزي كلامه بأن “المحادثات الثنائية مع واشنطن يمكن أن تحبط مساعي روسيا التخريبية في الوقت الحالي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى