عادات و تقاليد

رمز الكرم والسخاء عند البدو.. «شبّة النار» فاكهة السمر في الشتاء

أميرة جادو

تحظى شبّة النار عند العرب بمكانة رفيعة، ولها معانِ سامية ونبيلة فهي رمزًا للكرم والجود، والنار في حد ذاتها إشارة للترحيب بالضيوف والزوار ولاهتداء ابن السبيل، ويتجسد ذلك عندما كان يسير المسافرون ليلًا فيرون نارًا تتوقد فيتجهون نحوها، وكلمة الشبة تعني إقامة التجمع والقهوة، فيقول الشخص “الشبه عندنا” أي التجمع عنده وكان البدو قديماً ينتقدون من يهمل هذا الجانب بقولهم: ( يا طافي الضو ، ميــــت النار ) أو الله يطفي ضوّك (الله يذبح نارك) أو ناره رماد فيقال فيه مثلاً:

بعض العرب .. في شبة النار يحتار

يجي الشتا ويروح ما شـب نــــــاره

رمز الكرم والسخاء

والكرم عند العرب من القيم التي يحرصون عليها ، ورمز الكرم عندهم بالدرجة الأولى شبة النار والقهوة ومسامر الضيف.

فأصبحت علامة على الود وإكرام الضيوف والزائرين والاجتماع حول القهوة، حيث يرونها من أهم طقوس السمر الصحراوي، وذلك لأن إشعال النار يعطي نوعاً من الحركة للمكان، وتكمل الدراما الصحراوية بعد تدخل المؤثرات الأخرى مثل صوت عويل النجر وسوالف النشاما فيتسع الخاطر للحضور، عندما يجتمع عليها السمار وتبتهج برؤية كل هذه المظاهر في صورة رائعة ترى من خلالها ملامح ومزايا البيئة الصحراوية ببساطتها وتواضعها البشري.

وأكد أبناء البادية إن النار فاكهة المجالس، فقد أشعلت النار في قلوب الشعراء فعلى النار يجتمعون لتناول القهوة، وتبادل الأحاديث والأخبار أو القصائد الشعرية، ولا يكـاد يخلو ديوان أي شاعر من مثل هذه الأبيـات وهنا بعض ما قيل حول شبة النار :

لا ضاق صدري قلت شبوا لي النـــــــــار

سويت كيـف مـا يسـوى مثيلـــــــــــــــــه

حمسـت بريـه وناديـت ببهــــــــــــــــــار

ماها قـراح جايبـه مـن ثميلــــــــــــــــــه

يــــــــاما حلا عقب العصر .. شبة النار

في مجلسٍ كـل النشامـا يجونـــــــــــــــه

يلفونه اكبارٍ .. ويلفونــــــــــــه إصغـار

من طيب من هو فيـه ويقدرونـــــــــــــه

في بيت ماحطوا لـــــــه آبواب وآسوار

ذراه من صوف الغنـم ينسجونــــــــــــه

هذي طراة الروح لا صرت محتـــــــار

آخيِر مـن بيـتٍ هَلِـه يزلجونــــــــــــــه

لا ضــــــاق بالي .. والهواجيس وردن

النـار شبّتهـا بدايـــــــــــــــة عـلاجـي

والبن بالمحمـاس والنـــــــــــار تلسـن

نـارٍ تزايـد جمرهـــــــــــــا بوتهاجـي

يـــــــــاريف قلبي للمسايير قـم شـب

وحط المنـــــــاره في طويل الظلالـي

عقب تشق الهــــا لجزل الحطب جب

وهـــات النجر واحضر جداد الدلالي

ألا يــــــــا زيـن شبـت النـار وادلال

ادلال صفر ابهارهـــــا طيّـب الهيـل

في جال غرمولٍ حمر .. يشرح البال

جوّه براد ومرتـوي خـدّه السيـــــــل

الله يجيب العشـب والخيـر منهــــال

على بـلادٍ توفـي الحـق والكيــــــــل

والجدير بالذكر، يحرص أبناء البدو خلال فصل الشتاء على اقتناء الأنواع الجيدة من الحطب، والتي منها السمر والطلح والقرض وهي الأكثر جمراً والأقل دخـاناً.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى