قبائل و عائلات
“الطوارق”.. قبائل أمازيغية من أصول عربية قاومت الاحتلال الفرنسي
أسماء صبحي
“الطوارق” أو ما يعرفون بـ “الملثمين” هم قبائل من أصول أمازيغية، واللغة الأساسية عندهم هي اللغة الأمازيغية، وهذا يشير إلى انتمائهم للمجال اللغوي الممتد من المغرب إلى مصر، وكذلك من تونس والجزائر إلى النيجر وتشاد وبوركينا فاسو.
ويعتقد عدد كبير من الناس أن مصطلح (الطوراق) هو أحد المصطلحات الموجودة في اللغة العربية، وإن وُجد تضارب حول معناها، ويقال إن أصل تسمية الطوراق بهذا الاسم مشتق من كلمة (كل تماشق) ومعناها (كل من يتحدث لغة الطوارق).
أصول قبائل الطوارق
يعتبر ابن خلدون هو أحد أشهر الكتاب الذين تحدثوا عن أصل الطوارق، حيث أهتم بدراسة أجدادهم، وردَّهم إلى أصولهم العربية، فقد نزحوا من جنوبي الجزيرة العربية منذ عهود قديمة قبل الفتح الإسلامي، وأكد ابن خلدون أن قبائل صنهاجة البربرية هم أجداد الطوارق، وقد كانت تعيش أول الأمر في أقصى جنوبي المغرب العربي، ثم انتشر أفرادها في الصحراء الكبرى.
موطن الطوارق
تنتشر قبائل الطوارق في عدد من الدول العربية فهي موزعة مناطق شاسعة بين دول المغرب العربي وأفريقيا، كما يتفاوت تواجدهم الديمغرافي بحسب توزعهم في تلك الدول، ولكنهم يتواجدون بكثافة في النيجر ومالي، كما يوجد الأقلية منهم في تشاد والنيجر، أما عن عددهم فلا توجد احصائيات دقيقة عنه ولكن الأرقام الغير رسمية تشير إلى أن عدد الطوارق يناهز (3.5) مليون شخص، يوجد (85%) منهم في النيجر ومالي، ويتوزع الـ15% الباقين دول شمال أفريقيا وتحديدا في الجزائر وتونس.
وأماكن تمركز قبائل الطوراق هي:
تمتد من الجنوب الليبي، وبالتحديد من منطقة فزان إلى منطقة الهوقار في الجزائر، ومن منطقة أزواد وأدغاغ في مالي، إلى منطقة أيير في النيجر، وتلك المناطق أكثر جفافًا، ولكن الطوراق يمكنهم التعايش وسط تلك الطبيعية الصعبة والوصول إلى أماكن تواجد الماء بفضل طريقة الاهتداء بالنجوم.
حياتهم
يشبه أسلوب حياة قبائل الطوارق حياة البدو من حيث التنقل والترحال الموسمي، وكذلك من حيث العادات والتقاليد، ويمكن اعتبارهم شعبًا مهجنًا بحكم اختلاط أعراقهم بين العرب في الشمال والأفارقة في الجنوب، وهم يعتنقون الدين الإسلامي ويتبعون المذهب السني المالكي، ودائمًا ما يفضلون العيش في الصحراء الكبرى على الرغم من المصاهرات التي بينهم وبين العرب في شمال إفريقيا.
عاداتهم وتقاليدهم
يعرف الطوارق في أوروبا (الرجال الزرق) وبالملثمين عند العرب، فدائمًا ما يرتدي الرجال ألثمة وأثواب زرقاء فضفاضة تحميهم من حرارة الصحراء صيفيا وبرودتهاشتاء، ويتم ارتداء الثام في سن الرشد (18 عاما) ويبلغ طوله أحيانا أربعة أو خمسة متر.
وتحتفل قبائل الطوراق بجميع الأعياد الإسلامية والمولد النبوي وشهر رمضان، ومن أعيادهم الخاصة ما يطلقون عليه (عيد الاسم) ويستمر أسبوعا بعد ولادة أي مولود جديد، ويسير الأقارب حاملين الطفل حول خيمة الأم ويمنحوه اسمًا سريًا بلغتهم، وفي اليوم التالي يذهبون به إلى المسجد ليعطيه والده وإمام المسجد أو شيخ القبيلة اسماً من القرآن، وحفلات الزفاف أيضا تستمر أسبوعًا، حيث يأتي أهل العريس وأقاربه إلى قرية العروس ومسكنهم ويتم بناء خيمة لها.
التعليم عند الطوراق
يتم التعليم لدى قبائل الطوراق المدراس القرآنية والإسلامية، ومعظم أطفالهم يكملون تعليمهم الابتدائي الرسمي، والبعض يكمل التعليم الثانوي وقليلا من يلتحق بالجامعات.
الطبقات الإجتماعية
تنقسم قبائل الطوارق إلى طبقات، وتتحدد مكانة الشخص في المجتمع وفقا للفئة التي ينتمي إليها:
- إيماجغن: وهم السادة.
- إينسلمن: وهم الطبقة المهتمة بالتعليم والدين.
- إيمغاد: الطبغة الغارمة.
- إينادن: طبقة الصناع التقليديون.
- بلاس، أو بزوس: الأرقاء المحررون.
- إكلان: طبقة العبيد.
تاريخ الطوارق
عُرف تاريخ الطوارق بأنهم شعب مقاتل، جيد التسليح، فهم يحملون معهم السكاكين والسيوف خلال الترحال، حيث قاموا بمقاومة الاحتلال الفرنسي الذي قتل على يده رئيسهم الأمنوكال فهرون قائد أولد من عام 1916،ومنذ استقلال الدول التي يوجد بها الطوارق وعلاقتهم بالأنظمة المتعاقبة غير ودية.
وبدأوا المطالب بحقوقهم السياسية في مالي في (1963) إلا أن حكومة الرئيس السابق كيتا قامت بقمعهم وسجن اغلبهم، وفي بداية التسعينات نشطت حركات مسلحة في النيجر ومالي، وقامت الجزائر بوساطة بين مالي والمسلحين ووقعت اتفاقية السلام بينهم في يناير 1991 ولكن لم يتم احترامها من الطرفين.
وهاجر عدد من الطوراق إلى ليبيا في عهد الرئيس السابق كونتشي، وبعد وفاته حاول الرئيس سيبو أن يتصالح مع الطوراق ولكن حدثت مواجهات دامية بين الطوارق والجيش النيجري، وعلى الرغم من رعاية الجزائر وبوركينا فاسو لعدة اتفاقيات سلام بين مسلحي الطوراق ومالي والنيجر ولكن الوضع لو يشهد أي سلام بينهم فلا الطوارق حصلوا على حكم ذاتي، ولا مالي والنيجر استطاعوا السيطرة عليهم.