قبيلة الكبابيش والإبل: رمز الفخر والهوية السودانية
تعد قبيلة الكبابيش في السودان نموذجاً حياً للارتباط الوثيق بين الإنسان والبيئة البدوية التي ترعرع فيها. تعتبر الكبابيش أنفسهم امتداداً لقبائل الجزيرة العربية. مما أضفى على حياتهم طابعاً أصيلاً تجسد في علاقتهم العميقة بالإبل. حيث أصبحت تربيتها ورعايتها رمزاً للفخر والمكانة الاجتماعية.
علاقة قبيلة الكبابيش والإبل
نشأ هذا الارتباط نتيجة لتأثير البيئة الطبيعية واعتقاد الكبابيش بارتباطهم بالجزيرة العربية، لذلك تعد الإبل بالنسبة لهم أكثر من مجرد مصدر رزق، فهي رمز للكرامة والعزة. يعكس هذا الارتباط حياتهم اليومية. حيث تتوزع الأدوار بين الرجل الذي يقود المسيرة والمرأة التي تشارك في تربية الإبل كشريكة حياة فاعلة. كما توجد الإبل في مناطق حزام الصحراء وشبه الصحراء والسافانا، وقد أصبحت مألوفة حتى في المناطق الغنية بالأمطار بسبب قدرتها الفائقة على التأقلم مع الظروف المختلفة.
كما تتنوع الإبل في السودان إلى أنواع رئيسية مثل البشاري والعنافي الأفضل للركوب، والرشايدي والعربي المستخدمة كإبل حمل. يربي عرب الكبابيش في شمال كردفان نوعاً خاصاً من الإبل العربية يعرف بالكباشي، وهو ما يشترك فيه مع قبائل الهواوير والكواهلة والشنابلة والمجانين والحمر. للإبل مكانة خاصة في ثقافة الكبابيش، حيث تعتبر الدفاع عنها واجباً مقدساً، بل يعد التقصير في حمايتها من أكبر العيوب التي تجلب العار لصاحبها. هذه العلاقة المميزة تعززها أغاني الحماسة التي تمجد الفرسان الذين يحمون الإبل من أي اعتداء.
شعر الدوبيت
يرتبط الكبابيش بشعر الدوبيت الذي يلخص علاقتهم بالإبل، حيث يعبر عن دورها وأهميتها الاقتصادية والاجتماعية. تجاوزت تربية الإبل عند الكبابيش الجانب المادي لتصبح رمزاً للتفاخر والمكانة الاجتماعية. تظهر هذه الأشعار عمق التعلق بالإبل ومدى تأثيرها على حياة القبيلة، فهي ليست مجرد مصدر للرزق بل عنصر جوهري في تشكيل هويتهم.
إبل الكبابيش
تتميز الإبل الكباشية بسمات حصرية تجعلها مختلفة عن باقي الإبل في السودان. فهي صغيرة الحجم نسبياً وتتأقلم مع المناخ الصحراوي وشبه الصحراوي، مما يجعلها ملائمة للبيئة التي تعيش فيها. وعلى الرغم من أن هذه الإبل تستخدم للحمل والذبح والحليب، إلا أن الكبابيش يفضلون الاحتفاظ بها وعدم بيعها إلا للضرورة القصوى، معتبرين ذلك جزءاً من احترامهم لهذا الحيوان الذي يمثل لهم رمزاً للفخر والادخار والمكانة الاجتماعية.
كما يميز الكبابيش إبلهم من خلال وضع وسوم خاصة على الجانب الأيمن من جسمها باستخدام قوالب حديدية مصهدة بالنار، وهو تقليد موروث من الأجيال السابقة. تُعد هذه الوسوم علامة فارقة تُظهر الفخر والانتماء لهذه القبيلة التي ترى في الإبل جزءاً لا يتجزأ من تراثها وهويتها.
رواية البادية
وفي هذا الصدد أكد الكاتب الصحافي محمد المبروك أن الإبل تمثل رواية البادية بكل تفاصيلها. لكل قبيلة إبلها ذات الصفات المميزة، والإبل عند الكبابيش تعرف بألوانها مثل الشقر والدبس. يتغنى أهل البادية بإبلهم، ويعبرون من خلال أغانيهم عن حبهم لهذا الحيوان الذي يجسد تاريخهم وهويتهم. كما أن الحداء الذي يغنى للإبل أثناء السير يخفف عنها مشقة الطريق ويبرز العلاقة الحميمة بين الإبل ورعاتها.