محاكم البادية.. شريعة الجروح في عرف البدو
أميرة جادو
يحكم البدو قضاتهم بالعرف والعادة، فيتميزون بتمسكهم واخلاصهم للعادات والتقاليد الموروثة، ومن بين عاداتهم وشرائعهم، شريعة الجروح، وللقضاء العرفي في حالة الجروح قاضي خاص يسمى بـ “القصاص”، وهو قاضي مختص في العقوبات أو قاضي الجروح، يعيِّن الجزاء الذي يستحقه كل جرح حسب طول الجرح وعرضه وموضعه.
عقوبة الجروح بحسب طولها ونوعها وموضعها، فإذا كان الجرح ظاهرًا للعيان كأن يكون في الوجه وشوَّه الوجه، كان قصاصه أعظم من الجرح الذي لا يظهر للعيان، ويتم تحديد الغرامة بعد قياس القصاص للجرح بأصابعه وهي لاصقة بعضها ببعض، ويجعل غرامته كل أصبع بجمل أو أقل.
غرامة الجروح الظاهرة
وفي حالة الجروح الظاهرة، فيقيسه كما قاس الجرح غير الظاهر ويضعِّف العقوبة أو الغرامة، أو أن يضع فيه ورقة بيضاء ويتراجع إلى الخلف وهو ينظر إلى الورقة، فكل خطوة يخطوها إلى الوراء بجمل كبير أو صغير أو بنتو أو نصف بنتو حسب أهمية الجرح حتى تغيب الورقة عن نظره، فيقف ويجمع خطاه ويوجب على الجاني بعددها إبلًا أو بنتوات.
غرامة الكسر
أما إذا كانت الإصابة كسر الساق أو الذراع، أو إتلاف العين أو أي عضو من الأعضاء الرئيسية في الجسم، فغرامتها نصف الدية، وغرامة قطع الأصبع الشاهد خمسة بعران، والخنصر بعير، وكسر السن بعير.
غرامة إطلاق البندقية
وفي حال إذا قام أحدهم بإطلاق بندقية على رجل فلم تصبه، يتم محاكمته عند كبار العرب، وحكموا للمدعي بالبندقية «وطيبة خاطر»، أو يلزمون المدعى عليه باليمين أنه لم يكن يقصده.
غرامة الضربة التي لا ينتج عنها جرح
والضربة التي لا ينتج عنها جرح، فغرامتها من ١٠٠ إلى ٢٠٠ غرش، إلَّا إذا كان الضرب بالكف أو بالعصا أو بالغليون أو بطاسة البن؛ فإن الضرب بها عندهم أعظم من الضرب بالسيف، إذ يقولون: إن الضرب بهذه الأدوات فيه امتهان للمضروب.
والغرامة المعتادة على ضرب الكف جمل «مفرود»، ولكن كثير منهم لا يرضى بالقصاص في مثل هذه الجنايات، بل يطلب الجاني إلى المنشد ويطلب منه ردَّ شرفه.
المصدر
كتاب “تاريخ سيناء والعرب” لنعوم شقير