صريع الغواني: شاعر الغزل المبدع وأول من أدخل البديع إلى الشعر العربي
مسلم بن الوليد الأنصاري، المعروف بلقب صريع الغواني، يعد واحدًا من أبرز شعراء العصر العباسي، حيث ترك بصمة فريدة في تاريخ الشعر العربي. ولد ونشأ في الكوفة وانتقل إلى بغداد حيث اتصل بالخليفة هارون الرشيد، الذي أعجب بشعره ومنحه لقبه الشهير. كانت حياته مليئة بالأحداث والشعر الغزلي، كما ارتبط اسمه بإدخال وتجديد فن البديع الذي أصبح لاحقًا أسلوبًا يتبعه الشعراء.
من هو صريع الغواني
مسلم تميز بأسلوبه الغني والمبتكر، حيث اعتبره البعض أول من أفسد الشعر التقليدي بسبب إدخاله عناصر البديع. إلا أن هذا الابتكار كان نقطة تحول، حيث تبعه في ذلك كبار الشعراء، أبرزهم أبو تمام الطائي الذي اتخذ البديع مذهبًا رئيسيًا في شعره.
ارتبط صريع الغواني بجوانب متعددة من الحياة الأدبية والسياسية، فقد مدح الرشيد والبرامكة وعددًا من الشخصيات البارزة، مثل داود بن يزيد بن حاتم ومحمد بن منصور. حصل على مناصب إدارية مثل مظالم جرجان وقطائعها، حيث قضى جزءًا من حياته في هذه المنطقة، وقبره هناك يعد شاهدًا على رحلته.
كانت حياته الشخصية مليئة بالتجارب العاطفية التي انعكست على أشعاره. اشتهر بحبه لإحدى جواريه التي كانت تتوسط بينه وبين محبوبته، إلا أن العلاقة تطورت عندما بدأت الجارية تعجب بالمحبوبة أيضًا. هذا التحول أثار غضب مسلم، مما دفعه إلى هجرها وقطع علاقتها بالمحبوبة، ليعبر عن مشاعره من خلال شعره، حيث قال:
وأهجر صاحبي حب التجني
عليه إذا تجنيت الذنوبا
ثم وجه رسائله إلى أخرى، مستخدمًا أسلوبه المميز في الغزل والمراسلة، وكتب:
تدعى الشوق إن نأت
وتجنى إذا دنت
سرني لو صبرت عنها
فتجزى بما جنت
هذه الأبيات وغيرها تعكس روح مسلم بن الوليد ومهارته في تصوير المشاعر بلغة بديعة ورقيقة.
إرث صريع الغواني في الشعر العربي
بقيت أشعار صريع الغواني مثالًا حيًا على عبقرية التجديد في الشعر العربي، حيث امتزجت فيها الغزل بالمجون مع الإبداع الفني. أسهمت إضافاته البديعة في إثراء الشعر العربي، حتى وإن كانت مثار جدل بين النقاد. يظل مسلم بن الوليد رمزًا للشاعر الذي أبدع في صياغة أحاسيسه ليخلد اسمه في صفحات التاريخ الأدبي.