قبائل مصمودة: إرث أمازيغي شامخ ودور بارز في تاريخ المغرب الكبير
تعد مصمودة من أكبر وأهم المجموعات القبلية الأمازيغية في منطقة المغرب الكبير. حيث يمتد وجودها عبر جبال الأطلس الكبير والصغير وصاغرو. وسهول سوس والحوز وتادلا، بالإضافة إلى هضاب حاحا وحوض درعة. كما تنتشر هذه القبائل في مناطق غرب الجزائر. حيث تشكل نسبة كبيرة من سكان المغرب والجزائر، معززة مكانتها كجزء لا يتجزأ من تاريخ وثقافة المنطقة.
تاريخ قبائل مصمودة
وفقًا لما ورد في كتاب “قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان” للقلقشندي، تنتمي مصمودة إلى البرانس، وهي إحدى القبائل الكبيرة المنحدرة من مصمودة بن برنس بن بربر. كما أن هذه القبائل تعتبر من أكثر شعوب البربر عددًا وأوسعهم انتشارًا في أقاصي المغرب، مما جعلها واحدة من القوى القبلية المؤثرة في تاريخ المنطقة.
كما أن أبرز ما يميز مصمودة هو انتماؤها إلى حركة الموحدين التي أسسها المهدي بن تومرت. والتي قامت بدور محوري في إحداث تحول سياسي في المغرب عقب سقوط دولة المرابطين. ومن بين أبرز فروع مصمودة تأتي قبيلة هنتاته التي برز منها قادة وشخصيات بارزة. كما كان لهم أثر عظيم في تشكيل ملامح التاريخ السياسي والثقافي في المنطقة. كما يذكر أن هذه القبيلة كانت تعرف بأنها موطن الشيخ أبي حفص، أحد العشرة المخلصين للمهدي بن تومرت.
تركت قبيلة هنتاته بصمة واضحة في تاريخ الدولة الموحدية، حيث كان الشيخ أبو محمد بن الشيخ أبي حفص أول من تولى الملك من نسلها عام 603 هـ نيابة عن بني عبد المؤمن. واستمرت سلالة أبي حفص في حكم المنطقة، وبلغت أوجها مع السلطان أبو عبد الله محمد بن أبي زكريا يحيى، الذي لُقب بالمستنصر بالله وأسس تقليد الألقاب الخلافية في حكم هذه السلالة.
كما استمر نفوذ هذه القبائل لقرون، حيث شهدت منطقة إفريقية والمغرب استقرارًا وعدلًا في ظل حكمهم. السلطان أبو فارس عزوز، أحد أبرز ملوك هذه السلالة، كما تمكن من تعزيز السيطرة وإعادة الاستقرار للبلاد في القرن التاسع الهجري.
تاريخ مشرق وإرث أمازيغي خالد
كما أن قبائل مصمودة ليست فقط رمزًا للأصالة الأمازيغية بل أيضًا شاهدًا على تحولات تاريخية كبرى في المنطقة. كما أن دورها في تشكيل هوية المغرب الكبير ودعم حركة الموحدين يجعل منها قبائل لا يمكن تجاهل تأثيرها في صنع تاريخ المنطقة وشعوبها، حيث ظل إرثها ممتدًا وراسخًا في نفوس الأجيال حتى اليوم.