عادات و تقاليد

“الموايه بالخشوم”.. التحية بالأنف عادة شهيرة بين جزيرة العرب ونيوزلندا

أميرة جادو

لكل بلد ثقافة خاصة بها تترجم على هيئة عادات وتقاليد تميز كل دولة من دول العالم عن غيرها وتجعل لها سمات طبيعية بالنسبة لشعبها وغريبة وغير تقليدية بالنسبة للبلاد المجاورة، ويعد السلام أو إلقاء التحية من هذه الثقافات، واليوم نسلط الضوء على تقليد ثقافي متميز يمارس يوميًا في دولة الإمارات ودول الخليج العربي، وهو تحية عمرها آلاف السنين، وتعتبر هذه التحية من بين التقاليد المتأصلة التي عرفت عالميًا، حيث تتم بين شخصين عن طريق احتكاك خفيف على طرف الأنف مع فتح العينين لتجنب سوء تقدير المسافة، يطلق على هذه التحية اسم”الموايه بالخشوم”، وهي تعبير عن المواجهة بالأنوف.

الأنف ورمزية الكبرياء

الأنف في اللغة العربية يحمل دلالة “الأنفة”، التي تعني الرفعة، ويعتبر رمزًا للكبرياء والاعتزاز في الثقافة العربية. ويعد الأنف الجزء الأبرز في وجه الإنسان، مما يجعله أداة للتواصل والتفاعل مع الآخر. فمواجهة الأنف مع شخص آخر أثناء التحية تعبير عن سلام داخلي وتقدير، إذ يعكس الأدب الرفيع والتواصل الروحي بين الطرفين.

تحية عميقة الجذور في التراث العربي

كما تعد هذه التحية تقليدًا عريقًا في الإمارات وجزيرة العرب، ينبع من خلفية سيكولوجية قديمة تؤكد على التقدير والوحدة بين الناس. ورغم التطور الاجتماعي، فإن “الموايه بالخشوم” ما زالت تمارس في الحياة اليومية، معتمدة على مفاهيم عميقة تنعكس في تعاملات الأفراد اليومية. تظل هذه التحية ممارسة عميقة في الذاكرة الثقافية للعرب، وتعتبر جزءًا من سلوكياتهم وتفاصيل حياتهم اليومية.

ليست تحية عابرة

والجدير بالإشارة يتم ممارسة “الموايه بالخشوم” أو التحية بالأنف بشكل خاص بين الأفراد الذين يعرفون بعضهم البعض، مثل أفراد الأسرة والأصدقاء أو أعضاء العشيرة. ولا يتم تنفيذها مع الغرباء إلا إذا كانت العلاقة بين الشخصين تقتضي ذلك. كما تعتبر وسيلة للتصالح بين الأشخاص الذين كان بينهم خصام. إذ تُستخدم بعد الصلح كطريقة للتعبير عن نهاية التوتر وإزالة المشاعر السلبية.

المقارنة بين “الموايه بالخشوم” وتحية “الهونغي”

تتشارك تحية “الموايه بالخشوم” مع تحية تقليدية في نيوزيلندا بين “الماوريين”، المعروفة بتحية “الهونغي”. رغم اختلاف الطريقة قليلاً، حيث يتبادل الطرفان الضغط على أنوفهما لفترة قصيرة مع إغلاق العينين. إلا أن الهدف المشترك بين التحيتين هو تقوية الروابط والعلاقات بين الأفراد. تعود تحية “الهونغي” إلى ثلاثة آلاف عام، وهي تتمحور حول رمزية المحبة والتواصل بين الأرواح، حيث يُعتقد أن مشاركة الأنفاس تقرب الأرواح وتوحد الأجساد بالأنفس.

أهمية الموايه بالخشوم

والجدير بالذكر أن “الموايه بالخشوم”، شخصان التحية عن طريق لمس طرفي أنفيهما ببعضهما بشكل خفيف وسريع، تعتبر جزءًا مهمًا من التراث الثقافي والإنساني العميق. الذي لم يحظَ بما يكفي من دراسات بحثية رغم تأثيره الكبير في سلوك الأفراد والمجتمعات. هذه التحية لا تقتصر على كونها عادة ثقافية فحسب. بل هي أيضًا جزء من لياقة أخلاقية تفرض نفسها في التفاعل الاجتماعي، موجهة في أساسها نحو تعزيز السلام والوحدة بين الأفراد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى