تعرف على عادات قبائل الرشايدة والعبابدة والعوازم في صحراء قنا
أميرة جادو
تضم مختلف محافظات مصر العديد من القبائل العربية، ومنذ هجرتهم من الجزيرة العربية لم تفقد تلك القبائل عاداتها وتقاليدها التي ورثتها عن أجدادها، فما زالت تلك العادات راسخة في عقولهم ومتجسدة في حياتهم اليومية، حيث يحتفظون بها ويمارسونها، وخاصة خلال المناسبات السعيدة، عندما يترك كبار العائلات ملامحهم الجادة ويشاركون في جلسات الفنون التراثية مثل “الزريبي” و”الرجيعي” و”المتيني”، وغيرها من الفنون التى ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.
عادات القبائل العربية
لم تقتصر تقاليد القبائل العربية على الفنون فقط. بل تشمل أيضًا الملابس التراثية والمشروبات التقليدية مثل القهوة العربية والجبنة، التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من مناسباتهم. في صحراء نقادة بمحافظة قنا، تجتمع القبائل لتناول هذه المشروبات وممارسة الفنون التقليدية، مما يعكس عمق ارتباطهم بتراثهم العربي.
والجدير بالإشارة أن قبائل مثل “الرشايدة” و”العبابدة” و”العوازم” تنتشر في عدة محافظات مصرية. حيث استوطن العديد منهم في صحراء قرية طوخ التابعة لمركز نقادة بمحافظة قنا،حولت هذه القبائل الأراضي الصحراوية القاحلة إلى مساحات خضراء، مع الحفاظ على نمط حياتهم التقليدي وقيمهم التراثية. وفي السطور التالية سنتعرف على طبيعة الحياة وأهم الفنون التراثية التى يحرص أبناء هذه القبائل على أدائها. والتى ما زالت تحمل الكثير من المعانى والقيم التى افتقدناها فى الحضر.
عادات متوارثة
في البداية، يؤكد الشيخ “عايش منسى حمدان الرشيدى”، أحد شيوخ قبائل الرشايدة بمصر: إن القبائل قدمت من الجزيرة العربية منذ أكثر من 250 عامًا، ومع اندماجها في المجتمع المصري. ما زالت تحافظ على عاداتها وتقاليدها. الفنون مثل “الزريبي” و”الرجيعي” و”المتيني” تعتبر إرثًا شفهيًا ينتقل من جيل إلى آخر. ويحمل معاني وقيمًا نبيلة وتراثًا نفخر به ونعمل على إحيائه بشكل دائم لكى يتوارثه أبناؤنا وأحفادنا.
وأردف “عايش”: “من ضمن ألوان التراث التى توارثناها عن آبائنا وأجدادنا فنون “الزريبى والمتينة والرجيعى” وهى فنون غنائية برقصات معينة. نمارسها فى أفراحنا ومناسباتنا السعيدة، ويتعلمها أطفالنا خلال أدائنا لحركاتها وكلماتها التى نحفظها عن بعضنا البعض. فهى فنون لا تدرس ولا يمكن لأي فرقة من خارج قبائلنا أن تؤديها أو تتقنها لأنها فن شفهى يتم تناقله عبر الأجيال. وهذه بعض الكلمات التى نرددها خلال رقصاتنا “يا بخت من عاشر الطيب وأكل من زاده” و”ليه ليه يا ليالى وليه يا زمان.. دفنت الأسود تحت الرمال”.
فنون تراثية
كما لفت “عايش”، إلى أن الأجيال الجديدة لا تعيش بمعزل عن المجتمع المحيط. لذلك ظهرت فى الفترة الأخيرة مقطوعات غنائية جديدة يتم تأديتها فى المناسبات المختلفة بجانب الجمل التراثية القديمة. تسمى “بدعة” كونها مبتكرة ويتم تأديتها فى مناسبات خاصة أو حول حدث معين.
ومن جانبه، أوضح “أحمد عيد”، أحد شيوخ قبيلة العوازم، أن قبيلته تعيش كلها فى منطقة حاجر طوخ بنقادة. إلى جانب قبائل الرشايدة والعبابدة والعزايزة، قائلًا: “قد أتينا من الجزيرة العربية. وكل ما نقدمه من تراث متمثل فى فقرات غنائية أو رقص، نحتفظ به عن أجدادنا حتى الآن ويتوارثه منا الأجيال جيلا بعد جيل، ويظهر هذا التراث فى أفراحنا وأعراسنا”.
واستطرد “أحمد”: “من ضمن الفنون التى نتغنى بها “الزريبى” ويتم خلاله تقسيم المشاركين إلى مجموعتين. كل مجموعة عددها من 10 إلى 20 فردا فى كل صف ويرددون كلام موزون ومقفى ضمن الجمل التراثية التى حفظناها عن أجدادنا ومنها على سبيل المثال “إن يا ندهت انده كريم.. يحيى العظام وهى رميم”، و”الشاى والنعناع غاية كيفنا.. اذبح سمين الضأن وأكرم ضيفنا”.
كما أشار “محمود امبارك”، من قبيلة “عرب الرشايدة”، إلى أنهم يرددون من كلمات وأغانٍ هى من تراث أجدادنا نحفظه بدون كتابة أو قراءة، ومن ضمن الفنون التى ما زلنا نمارسهتا. ومنها لعب الرجيعى نقول فيها “ليه ليه يا ليالى وليه يا زمان.. وحلوم الليالى قلقتنا المنام.
فن المتينة والمناسبات
وأوضح “محمود”، أن من ضمن الفنون التراثية التى هاجرنا بها من الجزيرة العربية. “فن المتينة” يتم خلاله تكوين صف واحد، يقسم إلى فريقين، كل فريق يرد على الفريق الآخر بكلمات موزونة فى نفس سياق الموضوع. مثال على ذلك فريق يردد “ورسالتى لك دمع عينى فى زجاج أخضر”. فيرد الفريق الآخر “وليك من عندنا سلام من عندنا تحضر”. وهى رسالة من شخص لأخيه الغائب يريد بها توصيل السلام من خلال لعب التراث الأصيل.
كما أضاف “حسن سالمان”، قبيلة “الرشايدة”. أن المناسبات والحفلات التى يتم إقامتها فى الأماكن الواسعة يصاحبها حضور العديد من الضيوف، لابد أن يكرم ويقوم معه الجميع بالواجب تجاه الضيف. وبعدها لابد أن يتناول القهوة العربى التى يتم إعدادها فى حضور الضيف. وقال: “شرب القهوة عندنا له قواعد وأصول فى الشرب”.