كتابنا

 إبراهيم الرفاعي رأس النمر

علاء عبد الله يكتب…

 

عرفه العدو بأنه «أسطورة الصاعقة المصرية»، وعرفه المصريون بعز الرجال وفخر الجيش المصري، فهو في عين كل من عرفه وخدم معه في القوات المسلحة وخاض رفقته العمليات الفدائية التي زلزلت قواعد اليهود شرق القناة، رجل بقلب أسد لا يعرف الخوف له طريقًا.

هو العميد إبراهيم الرفاعي، قائد سلاح العمليات الخاصة في حرب أكتوبر 1973، قائد المجموعة 39 قتال الشهيرة بأداء العمليات الانتحارية.

 

يكفي أن نعلم أن الرفاعي نفذ نحو 72 عملية انتحارية خلف خطوط العدو الصهيوني من بين 67، 1973، ودمر معبر الجيش الإسرائيلي على قناة الدفرسوار، وحصل على 12 وسامًا تقديرًا لشجاعته، وأخيرًا استُشهد في حرب أكتوبر خلال إحدى عملياته الجسورة، فكان استشهاده أروع خاتمة لبطل عظيم.

 

كانت معارك بورسعيد من أهم مراحل حياة إبراهيم الرفاعي، إذ عرف مكانه تمامًا في القتال، وهو خلف خطوط العدو، وكان لديه اقتناع تام بأنه لن يستطيع أن يتقدم ما لم يتعلم، فواصل السير على طريق اكتساب الخبرات وتنمية إمكاناته، فالتحق بفرقة بمدرسة المظلات، ثم انتقل لقيادة وحدات الصاعقة للعمل كرئيس عمليات.

 

أتت حرب اليمن لتزيد خبرات ومهارات البطل أضعافًا، وتولى خلالها منصب قائد كتيبة صاعقة بفضل مجهوده والدور الكبير الذي قام به خلال المعارك، حتى أن التقارير التي أعقبت الحرب ذكرت أنه «ضابط مقاتل من الطراز الأول، جريء وشجاع ويعتمد عليه، يميل إلى التشبث برأيه، محارب ينتظره مستقبل باهر»، وخلال عام 1965 صدر قرار بترقيته ترقية استثنائية تقديرًا للأعمال البطولية التي قام بها في الميدان اليمني.

 

بعد معارك 1967 وفي يوم 5 أغسطس 1968 بدأت قيادة القوات المسلحة في تشكيل مجموعة صغيرة من الفدائيين للقيام ببعض العمليات الخاصة في سيناء، باسم فرع العمليات الخاصة التابعة للمخابرات الحربية والاستطلاع كمحاولة من القيادة لاستعادة القوات المسلحة ثقتها بنفسها والقضاء على إحساس العدو الإسرائيلي بالأمن، وبأمر من مدير إدارة المخابرات الحربية اللواء محمد أحمد صادق وقع الاختيار على إبراهيم الرفاعي لقيادة هذه المجموعة، فبدأ على الفور في اختيار العناصر الصالحة.

 

كانت أولى عمليات هذه المجموعة نسف قطار للعدو عند «الشيخ زويد» ثم نسف «مخازن الذخيرة» التي تركتها قواتنا عند انسحابها من معارك 1967، وبعد هاتين العمليتين الناجحتين، وصل لإبراهيم خطاب شكر من وزير الحربية على المجهود الذي يبذله في قيادة المجموعة.

مع الوقت كبرت المجموعة التي يقودها البطل وصار الانضمام إليها شرفًا يسعى إليه الكثيرون من أبناء القوات المسلحة، وزادت العمليات الناجحة ووطأت أقدام جنود المجموعة الباسلة مناطق كثيرة داخل سيناء، فصار اختيار اسم لهذه المجموعة أمرًا ضروريًا، وبالفعل أُطلق على المجموعة اسم المجموعة 39 قتال، وذلك من يوم 25 يوليو 1969 واختار الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي شعار رأس النمر رمزًا للمجموعة، وهو نفس الشعار الذي اتخذه الشهيد أحمد عبدالعزيز خلال معارك 1948.

وفى عام 1968 كان الرفاعي ومجموعته أصحاب الفضل في أسر أول ضابط إسرائيلي وهو الملازم، دانى شمعون، والعودة به إلى القاهرة دون إصابات.

 

كانت المجموعة 39 قتال التي يقودها الرفاعي معروفة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد أذاقت العدو مرارة الهزيمة المصحوبة بالحسرة، في عدة اشتباكات، ووصفتهم الصحف الإسرائيلية في وقت ما قبل الحرب بـ«الشياطين المصريين».

 

وكانت المجموعة الوحيدة التي سمح لها الرئيس جمال عبدالناصر بكسر اتفاقية «روجرز» لوقف إطلاق النار، كما يذكر عنهم أيضًا أنهم أول من ألّفوا نشيد الفدائيين المعروف بين رجال القوات المسلحة.

 

في مطلع عام 1968 نشرت إسرائيل مجموعة من صواريخ أرض – أرض لإجهاض أي عملية بناء للقوات المصرية.. وعلى الرغم من أن إسرائيل كانت متشددة في إخفاء هذه الصواريخ بكل وسائل التمويه والخداع، إلا أن وحدات الاستطلاع كشفت العديد منها على طول خط المواجهة.

 

وقال الفريق أول عبدالمنعم رياض لإبراهيم الرفاعي «إسرائيل نشرت صواريخ في الضفة الشرقية.. عايزين منها صواريخ يا رفاعي بأي ثمن لمعرفة مدى تأثيرها على الأفراد والمعدات في حالة استخدامها ضد جنودنا».

 

عبر برجاله قناة السويس واستطاع أن يعود وليس بصاروخ واحد وإنما بثلاثة صواريخ، وأحدثت هذه العملية دويًا هائلًا في الأوساط المصرية والإسرائيلية على حد سواء حتى تم على أثرها عزل القائد الإسرائيلي المسؤول عن قواعد الصواريخ.

 

صبيحة استشهاد الفريق عبد المنعم رياض طلب عبد الناصر القيام برد فعل سريع وقوي ومدوٍ؛ حتى لا تتأثر معنويات الجيش المصري باستشهاد قائده، فعبر الرفاعي القناة واحتل برجاله موقع المعدية 6، الذي أطلقت منه القذائف التي كانت سببًا في استشهاد الفريق رياض، وأباد كل من كان في الموقع من الضباط والجنود البالغ عددهم 44 عنصرًا إسرائيليًا. حتى إن إسرائيل من هول هذه العملية وضخامتها تقدمت باحتجاج إلى مجلس الأمن في 9 مارس 1969، يفيد بأن جنودهم تم قتلهم بوحشية.. ولم يكتفِ الرفاعي بذلك بل رفع العلم المصري على حطام المعدية 6، بعد تدميرها، وكان هذا العلم يرفرف لأول مرة على القطاع المحتل منذ 67، ويبقى مرفوعًا قرابة ثلاثة أشهر.

 

سيبقى اسم الرفاعي فخرًا ومحفورًا في جدار من ذهب في سجل التضحيات والأبطال الذين أنجبتهم مصر والقوات المسلحة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى