آخرها نقل تمثال “الإله بس” من معبدة بقنا إلى متحف بالغردقة..تغيير أماكن القطع الأثرية يُثير غضب الخبراء والمنظمات الدولية
أسماء صبحي
بدأت الحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة في القيام بحركة تنقلات للآثار من أماكنها التاريخية إلى المتاحف الجديدة التي أنشأتها مؤخرًا ، وأشهرها المتحف المصري الكبير ، وكان آخرها الإستعداد لنقل” الإله بس” الذي يُعد من أشهر التماثيل الفرعونية التي يقبل عليها السائحون للتصوير معها، والذي كان رمزا للفكاهة والمرح والموسيقى لدى المصري القديم من معبدة في قرية دندرة بمحافظة قنا إلى متحف الغردقة الأثري الجديد بمحافظة البحر الأحمر، وهو ما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الأثرية في مصر، بعدما رفض عدد من الأثريين هذه القرارات بدعوى أنها تهدد الأثر وتدمره وتفقده قيمته التاريخية كما تؤثر بالفعل على حركة السياحة في تلك المحافظات.
نقل حمّام “تل الحير”
في أغسطس 2019، قررت اللجنة الدائمة للآثار المصرية نقل حمّام “تل الحير” الأثري من موقعه في منطقة تل الحير بمحافظة شمال سيناء إلى متحف شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء ؛ مما أثار حالة من الجدل، التي تصاعدت حتى وصلت إلى ساحة البرلمان، فقد تقدمت نادية هنري، عضو مجلس النواب المصري، بطلب إحاطة إلى الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، للمطالبة بوقف قرار نقل الحمام الأثري، الذي يرجع تاريخه إلى العصر البطلمي .
نقل الكباش والمسلة وتمثال رمسيس
كما واجهت الحكومة موجة من الانتقادات الواسعة بعد إعلان عزمها نقل أربعة تماثيل ضخمة لكباش من معبد الكرنك في الأقصر، وكذلك مسلة من صان الحجر في الشرقية إلى ميدان التحرير بوسط القاهرة، ونقل تمثال رمسيس الثاني من ميدان التحرير إلى المتحف الكبير بالجيزة .
نقل مقبرة “توتو”
تجددت حالة الجدل عقب تداول أنباء عن نقل مقبرة حديثة مكتشفة بمحافظة سوهاج إلى المتحف الكبير بالجيزة ، وكشفت حينها مصادر أن الوزارة بدأت بالفعل تقطيع مقبرة “توتو” في منطقة الديابات بمحافظة سوهاج، بعد توثيق المقبرة، وتقسيم جدرانها إلى أجزاء عدة على شكل مربعات؛ تمهيداً لنقلها إلى المخازن، وبعدها إلى المتحف الكبير .
فقدان القيمة التاريخية
ومن جهته؛ أكد الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد عبد المقصود، أن قرار الوزارة بنقل بعض القطع الأثرية من أماكنها سابقة لم تحدث من قبل، ويُعد تدميرًا للأثر الذي يتم نقله ويفقده قيمته التاريخية، مشيرًا إلى أن حمام “تل الحير” الذي قررت الوزارة نقله في أغسطس الماضي يُعد أول اكتشاف لبعثة مصرية بعد تحرير سيناء، وهو الحمّام الوحيد المكتمل من بين 22 حمامًا أثريًّا مماثلاً على مستوى الجمهورية.
قرارات خاطئة
وفي السياق ذاته؛ أعرب الدكتور أحمد بدران أستاذ الآثار المصرية بكلية الآثار جامعة القاهرة، عن أسفه وحزنه لهذه القرارات ، متسائلاً: “كيف وافقت اللجنة الدائمة على ذلك؟، ولماذا لم تستخدم آلاف القطع الموجودة بالمخازن بدلاً من نقل الآثار وإهدار قيمتها ومعناها التاريخي وتقطيع المقابر كما حدث مع مقبرة “توتو” الأثرية؟”.
غير منطقي
فيما أكدت الدكتورة مونيكا حنا رئيس وحدة الآثار والتراث بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، أن ما يحدث الآن من تقطيع للمقابر ونقل التماثيل والمومياوات من أماكنها إلى متاحف أخرى يُشبه ما فعلته البعثات الأجنبية العاملة في مصر في عصور سابقة، حيث كانت تقطع المقابر وتنقلها إلى متاحفها في الخارج ، مشيرةً إلى أن نقل الآثار له شروط من بينها ألا يكون الأثر عرضة لخطر داهم.
مخالفة للأعراف الدولية
فيما اكد احد الخبراء ان كل القرارات التي تصدر بنقل القطع الأثرية من أماكنها مخالفًة للأعراف الدولية المنظمة للحفاظ على الآثار والمباني التاريخية، على غرار البند السابع من ميثاق البندقية المنظم لأعمال الحفاظ على المواقع والمباني الأثرية، الذي يعد المرجع الأساسي لوثيقة التراث العالمي باليونسكو الصادرة عام 1974 والتي وقعت عليها مصر مما يترتب علية التزامها بكل ما جاء فيها .
ضعف الرواج السياحي
ومن جانبه؛ قال الدكتور بدوي محمد إسماعيل أستاذ ترميم الآثار وعميد كلية الآثار بالأقصر، أن هذه القرارات بنقل التماثيل من أماكنها ، وخاصةً الموجودة في محافظات الصعيد مثل قرار نقل “الاله بس” قرارات خاطئة ، وتتنافى مع تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، الذي أمر خلال زيارته الأخيرة لقنا بضرورة وضع المحافظة علي الخريطة السياحية لفتح موارد جديدة لتشغيل الشباب، مشيرًا إلى أن أغلب السائحين يزورون معبد “دندرة” خصيصًا من أجل مشاهدة تمثال “الإله بس” الفكاهي، وأن نقل هذا التمثال سيضعف من الرواج السياحي للمعبد بمحافظة قنا التي لا تنتشر بها المعابد الفرعونية.