الشهيد فيصل العطار.. أحد أبطال رجال الصاعقة في حرب أكتوبر 73
أسماء صبحي
ولد الشهيد رائد صاعقة فيصل العطار في حي الفجالة بالقاهرة في 17 مايو 1950. والتحق بالكلية الحربية التي اختارها طريقًا لخدمة وطنه، ثم تخرج منها في أول سبتمبر 68.
التحق البطل عقب تخرجه بوحدات الصاعقة. حيث برز فى التدريب على العمليات الفدائية الخاصة وعلى قيادة الدوريات. وكان نموذجاً يحتذى به ومثالاً في إنكار الذات وحب العمل و العطاء بلا حدود.
بطولاته في حرب أكتوبر
خلال معارك أكتوبر، اقتحم الرائد فيصل العطار برجاله قناة السويس في موجات الاقتحام الأولى بعد ظهر يوم السادس من اكتوبر. وكان عليه أن يقطع مسيرة طويلة في اتجاه المحور الأوسط. ووصلت القوة إلى المكان المحدد لمقابلة احتياطيات العدو ومحاولة عرقلتها ومنع تقدمها.
مع إشراقة فجر السابع من أكتوبر، تم الإبلاغ عن رؤية دبابات العدو تتقدم بسرعة نحو الغرب. هدفها الوصول إلى القوات المحاصرة داخل الحصون والقلاع على ضفة القناة.
أطلق فيصل طلقة الإشارة لرجاله، وانطلقت فى إثرها عشرات القذائف الصاروخية. لتوقع الدبابات فريسة المفاجأة وتحيلها إلى كتل من اللهب والدخان.
استمر القتال قرابة نصف الساعة أدرك بعدها البطل أن مهمته قد نفذت بنجاح تام. حينها أعطى فيصل لرجاله الأمر بالتخلص من منطقة الكمين. وتمكن رغم كثافة نشاط العدو من العودة خلال خطوط النار ليصل برجاله إلى موقع قواتنا صباح 10 أكتوبر معلنًا نجاح المهمة.
في مساء 13 أكتوبر، تقدم البطل ورجاله لمعاونة قواتنا القائمة بالتطهير. وتمكن ببراعته الفائقة من عبور حزام النيران الكثيف. كما تمكن من اجتياز الحد الأمامي لدفاعات العدو إلى أن استطاع هو ورجاله الوصول إلى مشارف مضيق السالكه.
استشهاد فيصل العطار
ومع الساعات الأولى من صباح 14 أكتوبر اعغطى لرجاله الفرصة لالتقاط أنفاسهم ليستعدوا لاحتلال المضيق. ولكنهم فوجئوا بأسراب الطائرات المصرية تنقض على مواقع العدو حولهم. ثم اكتشفوا أن المنطقة مكتظة بالدبابات والعربات المدرعة التى راحت تنتشر بسرعة لتتفادى الهجوم الجوي المباغت. ورغم غان عمل الطائرات المصرية أثلج صدور أبطال الصاعقة ورفع معنوياتهم. إلا إنهم فوجئوا بالدبابات والعربات المدرعة تلتمس الحماية في مواقعهم.
هنا بدأت المواجهة الخطيرة المتوقعة، حين اكتشفت عربتان مدرعتان المنطقة التي يوجد فيها الرجال الأبطال. وأدرك أنه لا مفر من الاشتباك معهم وأعطى أوامره لرجاله بتدميرها وانطلقت القذائف تنفيذاً لأمره. بينما راح ينضم لرجاله في شكل دفاع دائري ليعدهم لملاقاة دبابات العدو التي اكتشفت وجود القوة الصغيرة وثارت حقداً على تدمير المجنزرتين. وما هى إلا لحظات حتى كونت دائرة محكمة حول الرجال الذين يقبضون على أسلحتهم. ثم صرخ فيهم فيصل لابد للعدو أن ياخذوا ثمن استشهادنا. وحثهم على القتال حتى آخر طلقة وآخر رجل.
بدأت الدائرة المحكمة من الدبابات الإسرائيلية تلقى بحممها و قذائفها على مواقع الرجال. وانهالت القذائف نحو الدبابات بدقة وإحكام فدمروا دبابتين وعربة مدرعة. كما سقط الشهداء كما أصيب عدد آخر من الجنود الأبطال، وزاد ذلك من إصرار الرجال وحماسهم.
أصر فيصل وسط دوي الرصاص والشظايا أن يكون قريباً من رجاله. يستمدون من وجوده قوة تبعث فيهم الحماس المتدفق. وزاد ذلك من جنون الاسرائيليون وحقدهم على الأبطال المصريين الذين لا تبدوا أمام أعينهم بارقة أمل في النجاة. ورغم ذلك يقاتلون ببسالة منقطعة النظير، ولا يلقون بالًا إلى نداءات الاستسلام التي كانوا يوجهونها إلى أبطال الصاعقة البواسل. والتي كان يقابلها فيصل ورجاله بسخريه واستهزاء.
تكريم الشهيد فيصل العطار
في عملية القتال الأخيرة، وبعد أن تبقى القائد وعدد قليل من رجاله. ألقى قنبلة يدوية على مجموعة من أفراد العدو كانوا يستهدفون مكانهم. وعندما هم فيصل بالخروج لتغيير موقعه عاجلته دفعات غزيرة من النيران أسقطته وسط جنوده. ثم سقط البطل الشهيد بعد أن دمر ورجاله عدداً فادحاً في الأرواح من العدو الصهيوني. وليسجل اسمه واسم زملائه الشهداء فى سجلات البطولة والمجد.
كرمت مصر البطل الشهيد الرائد فيصل العطار أعظم تكريم. ومنحته أعلى وسام عسكرى وهو وسام “نجمة سيناء” من الطبقة الأولى. تقديراً وعرفاناً بما قدمه من تضحيات وفداء حتى كتبت له الشهادة.