تاريخ ومزارات

قبل احتفالات رأس السنة.. تعرف على القصة الحقيقية لشخصية “بابا نويل”

أميرة جادو

تعتبر شخصية بابا نويل واحدة من أبرز رموز الاحتفال برأس السنة الميلادية وعيد الميلاد المجيد، لكن كثيرين يتساءلون عن الأصل الحقيقي لهذه الشخصية وما إذا كانت مجرد أسطورة أم أن لها جذورًا واقعية.

أصل شخصية بابا نويل

ترجع أصول شخصية بابا نويل إلى شخصية حقيقية، هي القديس نيقولاوس، أسقف مورا في آسيا الصغرى خلال القرن الرابع الميلادي.

ولد نيقولاوس في مدينة مورا، وكان والده يدعى أبيفانيوس ووالدته تونة، وقد جاء مولده بعد أن تقدم والداه في العمر، كما ترهب في دير كان ابن عمه رئيسًا له، ورسم قسًا وهو في التاسعة عشرة من عمره.

اشتهر بأعمال الخير

اشتهر القديس نيقولاوس بأعمال الخير، إذ كان يضع النقود على أبواب منازل المحتاجين، ويطرق الأبواب ثم يهرب حتى لا يراه أحد، متعمدًا إخفاء هويته كفاعل خير، وبعد نياحته، ظهر ملاك في حلم لرئيس الأساقفة وأخبره بأن نيقولاوس هو المختار لرتبة الأسقفية.

وبعد وفاته، انتشرت سيرته في روسيا وأوروبا، ولا سيما في ألمانيا وسويسرا وهولندا، حيث ارتبط اسمه بعادة تبادل الهدايا في عيد الميلاد، وبدأت الحقيقة التاريخية تختلط بالخيال والأسطورة.

من القديس إلى الأسطورة

اسم “بابا نويل” يعود إلى أصل فرنسي يعني “أب الميلاد”، وقد اعتقد البعض أن موطنه الأصلي هو السويد، بينما ذهب آخرون إلى أنه من فنلندا، خاصة مع وجود قرية تعرف باسم “قرية بابا نويل” تروج سياحيًا على أنها مسقط رأسه، ويزورها سنويًا نحو 75 ألف طفل.

ومع اكتشاف أمريكا، حمل المهاجرون معهم تقاليدهم وقديسيهم، ومن بينهم القديس نيقولاوس أو “سانت نيقولا”، وتطور الاسم تدريجيًا ليصبح “سانتا كلوز”.

الصورة الحديثة لبابا نويل

أما الشكل الحديث لبابا نويل، فقد ظهر لأول مرة على يد الشاعر الأمريكي كلارك موريس، الذي كتب عام 1823 قصيدة بعنوان “الليلة التي قبل عيد الميلاد”، وصف فيها هذا الزائر المحبب في ليلة العيد. وفي عام 1881، رسم الفنان الأمريكي توماس نيست أول صورة متكاملة لبابا نويل في صحيفة “هاربرز”، ليظهر ببدلته الحمراء وذقنه البيضاء الطويلة وحذائه الأسود اللامع، بالشكل المعروف اليوم.

وفي سياق الاحتفالات، تناول الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا والغربية للروم الأرثوذكس والمتحدث الرسمي باسم الكنيسة ووكيلها للشؤون العربية، بعض المفاهيم الخاطئة المرتبطة بعيد الميلاد، خاصة ما يتعلق بشخصية بابا نويل.

وأوضح “نيقولا”، أن بعض الأفلام الأجنبية تُظهر “سانتا كلوز” وله زوجة تُدعى “السيدة كلوز”، في حين أن اسم “Santa Claus” يعني في الأصل “القديس نيقولاوس”، وهي شخصية ارتبطت تاريخيًا بتوزيع الهدايا في عيد الميلاد.

ولفت “نيقولا”، إلى أن هذه الشخصية تعرف بأسماء مختلفة حول العالم، منها “Father Christmas” بالإنجليزية، و“Papa Noël” بالفرنسية، و“بابا نويل” بالعربية، وهي جميعها تسميات مشتقة من الأصل نفسه، مع اختلاف الثقافات والتقاليد.

تقليد تبادل الهدايا

وبشأن عادة تبادل الهدايا في عيد الميلاد، أوضح أن هذه العادة كانت شائعة بين المسيحيين في القرون الأولى، ثم حظرتها الكنيسة لاحقًا بسبب أصولها الوثنية، إذ كان عيد الميلاد يتزامن مع عيد إله الشمس لدى الوثنيين، حيث كانت الهدايا جزءًا من الطقوس الدينية.

ومع مرور الوقت، عادت هذه العادة وانتشرت من جديد بين المسيحيين، ارتباطًا بسيرة القديس نيقولاوس، أسقف ميرا في القرن الخامس الميلادي، الذي عرف بتوزيع الهدايا والطعام والملابس على العائلات الفقيرة في إقليم ميرا بآسيا الصغرى، خاصة في فترة عيد الميلاد، دون أن يعرف المحتاجون هوية من يساعدهم.

كما استمرت هذه العادة حتى يومنا هذا، حيث يتبادل أفراد الأسرة الهدايا فيما بينهم، ولو كانت رمزية.

سانتا كلوز بين الواقع والخيال

أما الصورة المعاصرة لسانتا كلوز، أي الرجل ذو الملابس الحمراء واللحية الطويلة الذي يأتي على عربة تجرها الغزلان ويدخل المنازل عبر المدفأة، فتعود جذورها إلى عام 1823 مع قصيدة كلارك موريس، التي منحت هذه الشخصية أبعادًا تجارية بحتة.

وفيما بعد، أضيفت تفاصيل أخرى في الأفلام التجارية، مثل زوجته “السيدة كلوز”، وأحيانًا أبناؤه، وهي عناصر خيالية لا تمت للواقع التاريخي بصلة.

ويحذر الأنبا نيقولا أنطونيو من أن مشاهدة الأطفال لمثل هذه الأفلام قد تسبب لهم تشوشًا وتساؤلات، خاصة أنهم على دراية بسيرة القديس نيقولاوس، الذي كان أسقفًا ولم يكن متزوجًا.

لذلك يؤكد أهمية وجود الأهل إلى جانب الأطفال أثناء مشاهدة هذه الأعمال، لتوضيح أن شخصية “السيدة كلوز” وغيرها من التفاصيل ليست حقيقية، وإنما من خيال كتاب ومخرجي الأفلام، وبأسلوب يتناسب مع المراحل العمرية للأطفال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى