تاريخ ومزارات

تكية خاصكي سلطان قصة خمسة قرون من الخير في قلب القدس

على بعد مسافة قصيرة من المسجد الاقصى وبالقرب من باب الناظر تقع تكية خاصكي سلطان التي اشتهرت بتقديم الطعام للفقراء في القدس منذ العهد العثماني وخاصة خلال شهر رمضان، وظلت عبر قرون طويلة مقصد المحتاجين في المدينة.

تاريخ تكية خاصكي

توجد التكية داخل مبنى اثري يعود للعصر المملوكي في احد ازقة القدس القريبة من المسجد الاقصى، وتعمل طوال العام، بينما يزداد نشاطها بشكل كبير في شهر رمضان حيث يرتفع عدد روادها بشكل لافت.

حصلت التكية على اسمها نسبة إلى زوجة السلطان سليمان القانوني التي زارت القدس عام 1552 للميلاد وشاهدت الاعداد الضخمة من الزوار والمصلين في المسجد الاقصى فامرّت بانشاء مجمع خيري كبير لخدمة الفقراء والزائرين.

وتعني كلمة خاصكي سلطان محبوبة السلطان، وهو اللقب الذي اطلق على رسلانة زوجة سليمان القانوني التي جاءت من اصل روسي، وتحولت بصنيعها هذا إلى شخصية بارزة في تاريخ القدس.

استمرت تكية خاصكي سلطان في تقديم الطعام للفقراء منذ العهد العثماني وحتى اليوم، واحتفظت بموقعها التاريخي داخل مبنى مملوكي قديم لا يبعد سوى خطوات عن المسجد الاقصى ويشهد في رمضان حركة مضاعفة من الزوار والمحتاجين.

يشير المشرف الاداري في التكية بدائرة الاوقاف الاسلامية بسام ابو لبدة إلى ان السلطان سليمان القانوني قام ايضا ببناء سور القدس وان الدولة العثمانية تركت اثرا كبيرا في فلسطين والقدس عبر مؤسساتها الخيرية.

يقول ابو لبدة ان التكية تقدم الوجبات يوميا خلال شهر رمضان وعلى مدار العام للعائلات المحتاجة في القدس، ويؤكد ان الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تزداد صعوبة بعد حرب الابادة التي عاشها اهل قطاع غزة وان التكية تبقى سندا مهما للعائلات.

ويضيف ان الحصار والحواجز والاجراءات الاسرائيلية لم تمنع القائمين على التكية من مواصلة عملهم وانهم مستمرون في خدمة المدينة واهلها رغم كل التحديات.

اقامت الدولة العثمانية عبر تاريخها عددا كبيرا من التكايا التي وفرت الطعام للفقراء في مدن فلسطين المختلفة، وكانت تكية خاصكي سلطان واحدة من اهم هذه المؤسسات التي حافظت على دورها دون انقطاع.

وصف المؤرخ عارف العارف في كتابه المفصل في تاريخ القدس تكية خاصكي سلطان بانها من افضل المؤسسات الخيرية التي انشأها العثمانيون بالقدس، واكد انها واصلت تقديم الطعام مجانا لعدد كبير من الفقراء كل يوم منذ تأسيسها.

يوضح ابو لبدة ان نفقات التكية كانت تغطى من ريع املاك اوقفتها خاصكي سلطان لخدمة المؤسسة، مما ضمن استمرار عملها لاكثر من اربعمئة وثلاثة وسبعين عاما دون توقف.

ورغم مرور خمسة قرون تقريبا على تأسيسها لا تزال تكية خاصكي سلطان تقدم الطعام الساخن يوميا للفقراء في القدس، وتواصل عملها في خدمة المحتاجين طوال العام.

تتولى دائرة الاوقاف الاسلامية في القدس التابعة لوزارة الاوقاف الاردنية الاشراف على التكية منذ عقود، وتحرص على استمرار تقديم الوجبات للمحتاجين في البلدة القديمة والمدينة.

يقول ابو لبدة ان التكية تقدم الطعام يوميا لنحو خمسين إلى سبعين عائلة فقيرة خلال العام، بينما ترتفع الكمية بشكل كبير في شهر رمضان لتلبية احتياجات الاعداد المتزايدة التي تقصد المكان.

وفي ساعات الصباح تجهز التكية الطعام للعائلات المحتاجة، بينما تخصص فترة الظهر لرواد المسجد الاقصى، وفي المساء تقدم الوجبات للعاملين في المسجد من الائمة والحراس والموظفين.

يصل المحتاجون إلى التكية حاملين اوانيهم الخاصة للحصول على الطعام، وتوزع الوجبات يوميا في الظهيرة خلال رمضان وغيره من ايام السنة، في وقت ترتفع فيه نسبة الفقر في شرقي القدس إلى اكثر من ثمانين في المئة بين السكان الذين يبلغ عددهم نحو ثلاثمئة وتسعين الف نسمة.

يذهب الفقراء إلى التكية وغيرها من المؤسسات الاجتماعية للحصول على ما يساعدهم في الصمود داخل المدينة المقدسة، ويؤكد ابو لبدة ان العائلات في القدس تتمتع بكرامة وعزة وان دور التكية هو مساعدتها في جزء من حياتها اليومية باعتباره جزءا من الرباط في القدس.

ويضيف ان التكية تستقبل الجميع دون السؤال عن وضعه المالي، فبركة الطعام تكون في توزيعه، واحيانا يصل إلى التكية اشخاص غير مسلمين ويتلقون الطعام ايضا، اذ لا يرفض القائمون على التكية اي شخص.

وفي شهر رمضان يزداد عدد المصلين في المسجد الاقصى وتضاعف التكية كميات الطعام مرتين أو ثلاث، وتستمر في تقديم اللحوم والدجاج والارز في وجبات جاهزة جميعها معدة للتوزيع على كل من يصل إلى المكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى