تاريخ ومزارات

من ماجينو إلى بارليف.. كيف أسقط المصريون أسطورة التحصينات التي لا تقهر

بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، خرجت فرنسا بخسائر بشرية ومادية ضخمة، فقررت بناء خط دفاعي يقيها أي غزو محتمل من ألمانيا، هكذا ظهر خط ماجينو، الذي سمي على اسم وزير الحرب الفرنسي أندريه ماجينو، واعتمدت الفكرة على إنشاء تحصينات خرسانية وأنفاق وملاجئ وخنادق، بُنيت على الحدود الشرقية والشمالية لتكون حصنًا منيعًا يمنع أي جيش من اختراق فرنسا.

كيف أسقط المصريون خط بارليف

بدأ التخطيط عام 1919 وسط أزمات اقتصادية وصراعات داخلية في باريس، كما ركزت فرنسا على بناء تحصينات متطورة لمواجهة هجمات الدبابات والطائرات، لكنها تجاهلت تطوير قواتها الجوية والبحرية الثقة في الخط كانت عالية للغاية، حتى أن قادة فرنسا اعتقدوا أن وجوده سيمنع الألمان من دخول أراضيهم ويمنحهم حرية تنفيذ هجمات مضادة.

لكن المفاجأة وقعت في مايو 1940ألمانيا لم تهاجم مباشرة، بل اجتاحت بلجيكا وهولندا شمال الخط، ثم استخدمت مدفعها العملاق جوستاف لاختراق بعض التحصينا،  وفي 14 يونيو 1940، سقطت باريس دون مقاومة حقيقية، ورغم استمرار القتال على بعض النقاط، استسلم الجيش الفرنسي، ليتحول خط ماجينو من رمز للقوة إلى درس في فشل الدفاع الثابت أمام الخطط المرنة.

خط بارليف.. الحصن المنيع على الضفة الشرقية

بعد حرب 1967، أقام الكيان خطًا دفاعيًا جديدًا عرف باسم خط بارليف، نسبة إلى رئيس الأركان حاييم بارليف، كما امتد الخط بطول 170 كيلومترًا شرق قناة السويس بتكلفة 5 مليارات دولار، ضم ساترًا ترابيًا بارتفاع 22 مترًا، و36 نقطة حصينة من الخرسانة المسلحة والقضبان الحديدية، مزودة بالألغام والأسلاك الشائكة.

الميزة الأخطر تمثلت في أنابيب النابالم المدفونة عند القناة، المصممة لإشعال سطح المياه وإفشال أي محاولة عبور كل نقطة حصينة كانت بمثابة قلعة صغيرة تتحمل قنابل ضخمة وتضم ملاجئ متصلة بخنادق وشبكات اتصالات، روج قادة الكيان لهذا الخط باعتباره أقوى من خط ماجينو، وزعموا أن عبور القناة سيكون مستحيلًا.

في أكتوبر 1973، عندما سألت جولدا مائير قادتها عن إمكانية عبور المصريين، أجابوا بثقة أن مياه القناة ستتحول إلى اللون الأحمر إذا حاولت القوات المصرية التقدم.

التخطيط المصري والعبور العظيم

منذ بناء الخط، بدأ المصريون في دراسته بدقة عبر الاستطلاع الجوي، الدوريات السرية، وحتى العملاء الذين تسللوا داخل النقاط طائرات الاستطلاع بقيادة أبطال مثل اللواء ممدوح حشمت وثقت مراحل البناء، بينما قدم عملاء مثل رأفت الهجان خرائط تفصيلية، بل إن صبيًا بدويًا في الحادية عشرة جمع معلومات حيوية متخفيًا كبائع بيض.

اعتمدت الخطط المصرية على حلول مبتكرة، كما قرر القادة عبور القناة من المناطق الفاصلة بين النقاط الحصينة، بدلًا من مهاجمتها مباشرة و استخدمت القوات مضخات مياه لتفتيت الساتر الترابي، وسلالم حبال لتسلقه، وعربات يدوية لنقل الذخائر، كما نجح المهندسون في سد أنابيب النابالم، وأنتجوا صواريخ مضادة للطائرات بوقود محلي.

في السادس من أكتوبر 1973، بدأت المدفعية المصرية تمطر الحصون بالنيران، ليعبر بعدها 8000 جندي القناة مرددين هتاف الله أكبر، مما أثار الذعر بين الجنود خلال ساعات، تم تدمير عشرات الدبابات وسقطت عدة نقاط حصينة، منها نقاط في القنطرة شرق والبلاح في اليوم الثاني، سقطت نقاط إضافية، وبحلول 13 أكتوبر استسلمت حامية بورتوفيق أمام كاميرات العالم.

ظل حصن بودابست في الشمال صامدًا حتى يناير 1974، قبل أن يتم الانسحاب منه بموجب اتفاقية فض الاشتباك، كما سقط خط بارليف الذي وُصف بأنه لا يقهر، تحت أقدام الجنود المصريين بفضل التخطيط الذكي والشجاعة والإبداع، ليبقى العبور العظيم شاهدًا على أن الإرادة تتفوق على أقوى التحصينات في التاريخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى