كرموز: تاريخ وحكايات قديمة في قلب الإسكندرية
أسماء صبحي
في أقصى شمال مدينة الإسكندرية، تتواجد منطقة كرموز، وهي تعتبر أحد أقدم مناطق المدينة ومنبعها الأصلي. وفي العصور القديمة، كانت هذه المنطقة تعرف باسم “راكوتيس”، والذي يعني باللغة اليونانية “التين“. نسبةً إلى انتشار زراعة التين في المنطقة، بما في ذلك منطقة “رأس التين” في الوقت الحالي.
حرامي الغلابة في كرموز
وتحمل منطقة كرموز العديد من القصص والأسماء التي عاشها أجداد السكان وتناقلها الأجيال اللاحقة. ومن بين تلك القصص، قصة “أبو جريشة حرامي الغلابة”، حيث كان متخصصًا في سرقة الأغنياء ويقوم بتوزيع المسروقات على الأطفال والفقراء. واشتهر بسرعة في المنطقة واكتسب حب الجميع. وحاولت قوات الشرطة العديد من المرات القبض عليه، ولكنه نجح في الهروب منهم. ومع ذلك، نجحوا في خداعه من خلال فتاة أقنعته بالحب وجعلته يتجه إلى منطقة تعرف بـ”الأنتيكة”. حيث انتظره رجال الشرطة وأطلقوا النار عليه.
بعد وفاة أبو جريشة، حاولت عائلته الثأر له بتنظيم جنازة مزيفة، حيث ملأوا التابوت بالأسلحة والقنابل. ثم هاجموا قسم كرموز، واندلعت معركة عنيفة بين الأهالي وقوات الشرطة في سبيل “حرامي الغلابة”.
قهوة العوالم
واحدة من القصص الأخرى الشهيرة في كرموز هي قهوة العوالم، المعروفة أيضًا بـ”مقهى الفنانين”. وكانت تستخدم هذه القهوة كفخ لجنود الجيش الإنجليزي، حيث يتم إغراؤهم بقضاء ليلة مع فتيات جميلات. وعندما يسكر الجنود في المقهى، يتم سلبهم ملابسهم وممتلكاتهم، ثم يتركون عارين.
الفتوة نيجرو أبو أحمد
ومن الشخصيات المعروفة في كرموز كان هناك “الفتوة نيجرو أبو أحمد”، الذي كان يسيطر على منطقة كوم الشقافة واللبان وغيط العنب وجبل نعسة. وكان يبلغ من العمر حوالي الخمسين عامًاوكان معروفًا بشجاعته وقوته، وكان يتصدى للمتطفلين والمجرمين في المنطقة. لكنه في النهاية تعرض لمكيدة وقتل على يد أحد الأعداء.
ورثة الإنجليز في كرموز
في أعقاب رحيل الإنجليز عن كرموز، تركوا وراءهم ثروة هائلة لبعض السكان المحليين. تم توزيع جواهر الإنجليز على ثلاثة أشخاص في المنطقة، وهم بائع طعمية، وبائع ذرة مشوية، وصاحب متجر للعطارة.
عندما اجتمع الثلاثة لتقسيم الثروة، فوجئوا بالعديد من الجنيهات المتراكمة في جواهر الإنجليز. وبعد ذلك، اكتشف أهالي كرموز أنهم أصبحوا أثرياء بفضل هذه الوراثة المفاجئة.
رجب ومصبنة الخواجة
كان الخواجة صاحب مصبنة لصناعة الصابون في كرموز، وكان يعمل معه رجب، الشاب المصري الذي كان مخلصًا في عمله.
وبعد طرد الإنجليز من مصر، قرر الخواجة مغادرة البلاد وترك كل ممتلكاته خلفه. حيث لم يكن يرغب في أن تسلمها للسلطات المصرية. وفكر الخواجة في طريقة لتهريب ثروته بعيدًا عن أعين الضباط المصريين.
وقام الخواجة بوضع كل أمواله في معطفه الشخصي، وسلمه لمساعده رجب، مع الاتفاق على تسليمها له على بوابات السفن المهاجرة إلى إنجلترا. ولكن الشاب لم يقم بتنفيذ الاتفاق، واستقر فيما بعد في أحد الفنادق على كورنيش الإسكندرية.