تاريخ ومزارات

السادس من أكتوبر.. يوم تحطيم الأسطورة وصناعة النصر

في السادس من أكتوبر عام 1973، دون الجيش المصري بدمائه ملحمةً خالدة في سجل الأمة العربية، تحت قيادة الرئيس الراحل محمد أنور السادات القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإلى جانبه وقف رجال صنعوا التاريخ بحنكتهم وبصيرتهم، الفريق أحمد إسماعيل وزير الحربية، والفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان الحرب، واللواء محمد عبد الغني الجمسي رئيس غرفة العمليات، قادة حملوا على عاتقهم مهمة استعادة الأرض والكرامة، فقادوا جيشًا من الحديد والإرادة، ليكسروا غرور عدو ظن أنه لا يقهر.

كيان مغتصب وغرور القوة

منذ نكسة يونيو 1967، تمدد الكيان المحتل على أرضٍ تزيد أربع مرات عن مساحته الأصلية، في الشمال تحصن بمرتفعات الجولان، وفي الجنوب احتمى بحاجز مائي رهيب هو قناة السويس، التي أقام على ضفافها خط بارليف بقلعه الـ35، وسواتره الترابية شاهقة الارتفاع، ودفاعاته المتشابكة المدعومة بأكثر من 300 دبابة، لم يكن ذلك التحصين مجرد عائق عسكري، بل جدارًا نفسيًا رفع به العدو راية الغطرسة.

ساعة العبور.. زلزال في سماء أكتوبر

مع دقات الثانية ظهر السادس من أكتوبر، أطلقت المدفعية المصرية نيرانها كالصاعقة، فكان ذلك إيذانًا ببدء ملحمة التحرير عبر 100 ألف مقاتل مصري مياه القناة، مدعومين بألف دبابة ومئتي طائرة، متحدين تحصينات بارليف وأحدث الأسلحة الغربية التي امتلكها العدو.
رغم أن السلاح المصري كان روسي الصنع ومتأخرًا بأجيال، إلا أن الإرادة سبقت التكنولوجيا، كما توقع السوفييت أن تصل خسائر العبور إلى 30%، لكن الجيش المصري فاجأ العالم كله حين حقق العبور بخسائر لم تتجاوز 2%.

بسالة المشاة وحائط الصواريخ

تحت وابل نيران العدو، تقدمت وحدات المشاة المصرية حاملة صواريخها على الأكتاف، تواجه الدبابات وجيوب المقاومة المحصنة وفي الوقت نفسه، شق المهندسون الساتر الترابي العملاق بخراطيم المياه، وأقاموا الكباري والمعابر تحت القصف، حتى دقت لحظة الانتصار: بعد خمس ساعات وخمسين دقيقة فقط، عبرت أول دبابة مصرية إلى الضفة الشرقية.
أما السماء، فقد انقلبت ضد الطائرات المعادية

نفقد امتد حائط الصواريخ المصري من غرب القناة إلى عمق 15 كيلومترًا شرقها، فأسقط الموجة تلو الأخرى من الطائرات الإسرائيلية، وبحلول عصر اليوم الأول، أصدر قادة العدو أمرًا مذلاً لطياريهم: “لا تقتربوا من القناة لمسافة 15 كيلومترًا”.

الهجوم المضاد.. وسقوط الأسطورة

في الثامن من أكتوبر، حشد العدو احتياطياته واندفع في هجوم يائس بألف دبابة على الجبهة المصرية، لكن التخطيط العبقري والبسالة الفريدة للجنود المصريين قلبت الموازين، في قطاع واحد فقط دمرت 30 دبابة في أقل من نصف ساعة، وفي لحظة كبرى، وقع العقيد عساف ياجوري، قائد لواء مدرع إسرائيلي، أسيرًا بين أيدي الجنود المصريين، ليظهر على شاشة التلفزيون المصري مساءً في صورة هزت ثقة العدو بنفسه وأسقطت أسطورته الزائفة.

انتصار الإرادة

بهذا العبور، تحطمت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، واستعادت مصر والعرب ثقتهم بأنفسهم لم يكن النصر عسكريًا فحسب، بل كان معركة كرامة، أثبتت أن الإرادة والعقيدة أقوى من أي ترسانة ففي أكتوبر 1973، كتب المصريون صفحة ناصعة أكدت أن الشعوب قادرة على تغيير مسار التاريخ حين تؤمن بعدالة قضيتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى