قصة بيع جزيرة مانهاتن.. كيف باعها الهنود الحمر مقابل 24 دولار؟
أميرة جادو
تمر اليوم ذكرى تاريخية تعود إلى 16 نوفمبر عام 1626، حيث جرت واحدة من أبرز الصفقات في التاريخ بين السكان الأصليين للقارة الأمريكية والمستعمرين الهولنديين، والتي تضمنت بيع جزيرة مانهاتن مقابل بضائع قيمتها 24 دولارًا وفق تقييمات لاحقة. هذه الجزيرة، التي أصبحت فيما بعد القلب النابض لمدينة نيويورك، شهدت حدثًا يعتبر اليوم محط جدل وتحليل تاريخي.
تقع جزيرة مانهاتن في وسط مدينة نيويورك على مصب نهر هدسون، وتعد مركزًا حضريًا يضم معالم بارزة كحديقة سنترال بارك الشهيرة وأفخم الفنادق والمطاعم والمنازل. في ذلك الوقت، تمكن الحاكم الهولندي بيتر مينويت من عقد اتفاق فريد مع السكان الأصليين لشراء الجزيرة لصالح الهولنديين. الاتفاق تم بمقابل بضائع قدرت قيمتها بـ 60 جيلدر، العملة الهولندية حينها، والتي تعادل ما يقرب من 24 دولارًا وفق تقييمات المؤرخين في القرن التاسع عشر.
أسباب الصفقة
كان الدافع وراء شراء جزيرة مانهاتن هو نجاح الهولنديين في زراعة أراضيها منذ مايو 1626، مما دفع بيتر مينويت إلى تثبيت وجودهم من خلال هذه الصفقة. وبعد إتمام الشراء، أطلق عليها الهولنديون اسم “مستعمرة نيو أمستردام”، قبل أن يستولي البريطانيون على الجزيرة عام 1664 ويغيروا اسمها إلى “نيويورك”، التي أصبحت لاحقًا المركز المالي للولايات المتحدة بفضل بورصة وول ستريت والشركات الكبرى.
دفاع المؤرخين عن الاتفاقية
على الرغم من الجدل حول قيمة الصفقة، أشار مؤرخون إلى أن السكان الأصليين استفادوا من نوعية البضائع المقدمة، والتي تضمنت أسلحة نارية وغلايات وفؤوس حديدية، وهي سلع ذات قيمة كبيرة في ذلك الوقت. ومع ذلك، فهم السكان الأصليون الاتفاق بطريقتهم الخاصة، حيث اعتقدوا أنهم يؤجرون الجزيرة للهولنديين لفترة مؤقتة، مما أدى إلى سوء تفاهم تسبب لاحقًا في صراعات بين الطرفين، أبرزها “حرب كيفت”.
نزاعات ما بعد البيع
كانت هذه النزاعات نتيجة مباشرة للتباين الثقافي بين السكان الأصليين والمستعمرين. فقد أسفر سوء التفاهم حول طبيعة الاتفاقية عن توترات دامت لفترة طويلة، مما يجعل هذه الصفقة ليست مجرد حدث تاريخي بل مثالًا على التحديات الثقافية التي ميزت فترة الاستعمار.
تبقى قصة بيع جزيرة مانهاتن جزءًا لا يتجزأ من التاريخ الأمريكي، فهي ليست فقط حكاية عن صفقة مالية بسيطة، بل هي رمز للتفاعلات المعقدة بين الثقافات في بدايات العصر الحديث، والتي ساهمت في تشكيل ملامح العالم كما نعرفه اليوم.
