مسجد سيدي غانم في الجزائر أقدم معلم إسلامي يعود تاريخه إلى 13 قرن
يعد مسجد سيدي غانم واحدا من أقدم المعالم التاريخية في الجزائر، حيث يمثل رمزا حضاريا ارتبط بهوية الأمة العربية والإسلامية على مر العصور، فقد تم تشييده سنة 59 للهجرة الموافق لعام 678 ميلادية، ليبقى شاهدا على التاريخ رغم مرور أكثر من ثلاثة عشر قرنا.
تاريخ مسجد سيدي غانم
يقع المسجد في مدينة ميلاف العتيقة التي تعرف اليوم باسم ميلة، على بعد 495 كيلومترا شرقي العاصمة الجزائرية، وقد بناه الصحابي أبو المهاجر دينار بعد أن جعل المدينة مركزا لجنوده ومنطلقا لفتوحاته الإسلامية عقب تحريرها من الاحتلال البيزنطي الذي استمر أكثر من قرن، وكانت وقتها تدين بالمسيحية، وتشير المصادر التاريخية إلى أن ميلاف كانت قاعدة رئيسية لإرسال الحملات العسكرية ضد قبائل البربر وفي مقدمتها قبيلة أوربة بقيادة كسيلة الذي اعتنق الإسلام فيما بعد.
ورغم بساطة المسجد إلا أنه يعكس جمال الإبداع الإسلامي في شمال إفريقيا، فقد شيد على أنقاض كنيسة رومانية، وزود بمنارة تضم 365 درجة بعدد أيام السنة، بارتفاع يصل إلى 62 مترا أي ما يعادل عشرين طابقا حديثا، بينما جاء تصميمه مشابها لمسجد القيروان في تونس والمسجد الأموي في سوريا.
وقد صنف هذا المسجد كثاني أقدم مسجد في المغرب العربي بعد مسجد القيروان، فيما تؤكد الأبحاث التاريخية أنه الأقدم في الجزائر استنادا إلى معطيات علمية، منها اتجاه المحراب الأصلي نحو الجنوب كما كان معتادا في المساجد الأولى بالمشرق العربي.
معالم المسجد
يمكن التعرف على معالم المسجد من خلال موقعه قرب الباب الشرقي لمدينة ميلة القديمة المسمى باب البلد، حيث يجاور دار الإمارة، ولا تزال الأسوار والثكنات العسكرية المحيطة شاهدة على محاولات الهدم التي تعرض لها في العهد الاستعماري الفرنسي الذي حاول طمسه لكنه ظل صامدا رغم تغطيته بالقرميد.
الاحتلال الفرنسي حول الأسوار المحيطة بالمسجد إلى ثكنة عسكرية طولها 1200 متر تضم 14 برجا للمراقبة، كما استخدم القسم العلوي من المسجد لإقامة الجنود بينما حوّل القسم السفلي إلى إسطبلات للخنازير والأحصنة، وجعل من دار الإمارة مطبخا للجنود، أما بيت الوضوء فتم تحويله إلى مرشات للاستحمام.
ويمثل مسجد سيدي غانم اليوم حلقة أساسية في تاريخ الجزائر وهويتها الإسلامية، خاصة في ولاية ميلة التي احتضنت هذا المعلم الفريد، وقد حظي باهتمام متزايد من الباحثين والأكاديميين الذين كشفوا كثيرا من الحقائق التاريخية حوله، كما خضع لعمليات ترميم وصيانة للحفاظ عليه ليبقى رمزا للأصالة والإرث الحضاري للأمة.



