تاريخ ومزارات

من زقاق البلاط إلى قلب التاريخ: مسيرة سليم الحص

في قلب بيروت النابض، حيث تتداخل الأزقة وتتعانق الحكايات. كما رأى سليم أحمد الحص نور الحياة في 20 ديسمبر 1929، معلنًا بداية رحلة استثنائية. ابن وداد الحص وصيدلي الحي المعروف، وُلِد سليم في عائلة تعانق الأمل والتحدي.

مسيرة سليم الحص

بعد رحيل الأب الصيدلي وهو لم يزل في المهد. كما تركت الأقدار لسليم وعائلته بناية تتألف من طابقين في زقاق البلاط، تضم منزلين وثلاثة محلات تجارية. لكن الظروف دفعتهم للانتقال إلى منزل جدته الصغير. حيث عاشوا أيامًا ملؤها الشح والكفاح.

تحت وطأة الحياة القاسية، تحملت والدته وداد مسؤولية إعالة خمسة أطفال من مدخول محدود. بدأ سليم تعليمه في مدرسة المقاصد الخيرية الإسلامية للبنات، حيث كان يرافق شقيقتيه كل صباح. قبل أن ينتقل إلى مدرسة الصبيان في حرج بيروت، متنقلاً برفقة أخيه أنيس في سيارة تكتظ بالأطفال.

خالته درية، العانس الحانية، كانت ملاذ الأسرة ومصدر العطف، وكان لسليم في قلبها مكانة خاصة، ربما لأنه كان الأصغر بين إخوته. وكانت والدته قد ترملت في ريعان شبابها، وهي في السابعة والعشرين من عمرها.

كان سليم يتلقى من والدته نصف قرش يوميًا عند ذهابه إلى المدرسة، يشتري به بسكويت وراحة الحلقوم. يتذكر يومًا سمع فيه والدته تهمس بأن النقود قد نفدت، فبادر بتقديم نصف القرش لها، لكنها رفضته بابتسامة حزينة، مؤكدة أنها ستجد حلاً.

رحيل خالته درية كان ضربة قاسية لسليم الصغير، فقد كانت بمثابة الأم الثانية له. وعلى الرغم من أنه لم يكن من البارزين في صفه، إلا أنه كان يحمل في داخله شغفًا وإصرارًا.

في عام 1941، خلال الحرب العالمية الثانية، شهد لبنان هجوم القوات البريطانية من الجنوب، وكانت بيروت مسرحًا للغارات الجوية. هرب الكثيرون إلى الجبال هربًا من ويلات الحرب، ومن بينهم عائلة سليم التي استأجرت منزلاً في صوفر، حيث عاشوا بعيدًا عن ضجيج المعارك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى