الثوب البدوي: لباس الشرف والهوية في قلب الصحراء
أسماء صبحي– قلب الصحراء العربية حيث يشتد الحر وتعصف الرمال. لا تكتفي الثقافة البدوية بالتكيّف مع البيئة؛ بل تتجلى في أزياء عملية متقنة الصنع. ويعد الثوب البدوي أو الجلابية قطعة أساسية في هذا السياق. فهو ليس مجرد لباس بل علامة على الانتماء، يلتقي فيه الجمال بالوظيفة.
نشأة وأهمية الثوب البدوي
الثوب المعروف أيضًا بالجلابية هو رداء طويل وواسع يغطي الجسم بالكامل مصنوع عادةً من القطن أو الصوف. بغرض الحماية من حرارة الشمس ورمال الصحراء وفي الوقت ذاته ترك الهواء يتدفق بحرية حول الجسد. وتلبي هذه القطعة حاجة الصحراء إلى لباس وظيفي يمنح الراحة والتهوية دون التفريط في التواضع والاحترام.
لا يخلو تصميم الثوب من رموز. فالثوب النسائي البدوي غالبًا ما يتزين بالتطريز التقليدي الذي يشير إلى القبيلة أو الحالة الاجتماعية. وتطرز خيطان بألوان زاهية مثل الأحمر والأسود على الصدر والأكمام وأسفل الثوب، تعبر عن هوية المرأة البدوية.
أما الثوب الذكوري، فيرتدي غالبًا فوقه عباءة خفيفة وغطاءً للرأس مثل الكوفية أو الغترة مثبتة بحبل رأس يعرف بالعقال.
طابع الوظيفة والرمزية
الثوب البدوي رائع في بساطته إذ يجمع بين البرودة والتهوية في الصيف. وبين الحفاظ على حرارته في الشتاء باستخدام الصوف أو القطن السميك. كما أن الأشكال الطبقية وتشطيبات القماش تميزه وتناسقه مع الانتماء الثقافي والاجتماعي.
ويقول خالد العمر باحث في الثقافات البدوية، إن الثوب البدوي ليس مجرد ملابس، بل هو مستودع معاني. الحماية من ظروف الحياة القاسية، والرمز لطبيعة الحركة والهوية القبلية، والتعبير الفني بتطريزاته المتشعبة التي تروي تاريخه.
واليوم، لا يزال الثوب جزءًا من الحياة اليومية في البادية. لكن مع تطور المجتمعات تحوّلت بعض تصاميمه إلى أزياء كاجوال أو إرثية تباع في الأسواق كرمز لهوية بدوية. كما تعرض قطع تراثية في المتاحف مثل الثوب المطرز في متحف فلسطيني يعود للفترة 1930–1940. مصنوع من الكتان والحرير، مع تطريز تقليدي دقيق من منطقة بير السبع.



